القلوب التي في الصدور ، فالقلوب العمي هي ميتة مقلوبة لا تنفع معها الأبصار والآذان ، حيث تسمع كحيوان وتبصر كحيوان ، وهذه من صفات الدنيا «من ابصر إليها أعمته ومن ابصر بها بصرته» فأصحاب القلوب العمي يبصرون إليها كغاية ونهاية فيركنون إليها ، واصحاب البصيرة يبصرون بها إلى غايتها الاخرى ونهايتها فلا يركنون إليها.
والقرآن يعبر عمن ليست له بصيرة كما هنا (وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ) وانهم صم عمي : (وَالَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْها صُمًّا وَعُمْياناً) (٢٥ : ٧٣) (أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ) (٤٣ : ٤٠) وأحيانا يزيد عليها البكم (صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ) (٤ : ١٨).
هذا ـ ولكنما اصل البلاء في ذلك الثالوث المنحوس هو «العمى» (فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ) حيث السمع مدخل لتبصّر القلب ، واللسان مذياع لما يعتقده القلب ، فالقلوب العمي التي لا تحن إلى البصيرة ، لا مدخل إليها سمعا فأصحابها «صم» ولا مذياع لحق فيها فأصحابها «بكم»!
فقد «تاه من جهل واهتدى من ابصر وعقل» (١) «ولا يصح الاعتبار الا لأهل الصفا والبصيرة» (٢) : و «إذا أراد الله بعبد خيرا فتح
__________________
(١) نور الثقلين ٣ : ٥٠٧ ـ في اصول الكافي عن أبي عبد الله (عليه السلام) ... فانها لا تعمى .... وكيف يهتدي من لم يبصر وكيف يبصر من لم يتدبر ، اتبعوا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) واهل بيته عليهم السلام وأقروا بما نزل من عند الله واتبعوا آثار الهدى فإنهم علامات الامانة والتقى.
(٢) المصدر في مصباح الشريعة قال الصادق (عليه السلام) ... قال الله تعالى : فاعتبروا يا اولي الأبصار وقال عز من قائل : فانها لا تعمى الأبصار .. فمن فتح الله عين قلبه وبصر عينه بالاعتبار فقد أعطاه منزلة رفيعة وملكا عظيما.