عيني قلبه فيشاهد بها ما كان غائبا عنه» (١).
فقلب مقلوب واه ، ذاهل عن التفكر في آيات الله فلا يعقلها ، انه أعمى «وشر العمى عمى القلب» (٢)
وهنا معنى عجيب وسر لطيف في (فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ) حيث لا يعني نفي العمى عن الأبصار جملة ، فقد تعمى وقد لا تعمى ، وانما يعني ان الأبصار إذا كانت معها آلة الرؤية من سلامة الأحداق واتصال الشعاعات لم يجز ألا ترى ما يرى ، ولكن القلوب هي على خلافها ، إذ تكون فيها آلة التفكر والنظر وهي معذلك لاهية عن النظر ، متشاغلة عن الفكر ، إلا من هدى الله.
وهنا «في الصدور» بيان لعنوان القلوب ومكانها من الأرواح ، فالعقل الأول مكانه المخ ، والثاني المغربل الأصفى مكانه الصدر وهو برّاني القلب ، والثالث المصفّى مكانه القلب ، فكما ان قلب الجسم هو محور حياة الجسم ، كذلك قلب الروح المستكن في قلب الجسم الكائن في صدره ، انه محور حياة الروح ، ولا يحيى الروح الا ببصره وبصيرته ، فإذا عمي فالروح ميت انسانيا وايمانيا ، مهما كانت له أحظى حظوة الحياة حيوانية.
__________________
(١) المصدر في عوالي اللئالي وقال (صلى الله عليه وآله وسلم).
(٢) المصدر علي بن ابراهيم في خطبة لعلي (عليه السلام) وأعمى العمى الضلالة بعد الهدى وشر العمى عمى القلب.
وفيه عن الخصال عن علي بن الحسين عليهما السلام حديث طويل يقول فيه : ان للعبد اربع أعين عينان يبصر بهما امر دينه ودنياه وعينان يبصر بهما امر آخرته فإذا أراد الله بعبد خيرا فتح له العينين اللتين في قلبه فأبصر بهما الغيب وامر آخرته وإذا أراد به غير ذلك ترك القلب بما فيه.