ثم المعاقبة بالمثل مسموحة كضابطة وليست واجبة الا أحيانا ، وهي مرجوحة اخرى على سماحها ، (وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها فَمَنْ عَفا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ) (٤٢ : ٤٠) (وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ) (١٦ : ١٢٦).
كيف لا (فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٥ : ٣) فالغفر شامل حتى موارد السماح بالاضطرار فضلا عن غير الاضطرار مهما كان مسموحا ، حيث الأصل المحلّق على كل الأصول هو التغامض عن المعاقبة بالمثل ، ما كان دفعا للسيئة بالحسنة (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ) ام دون دفع ما لم يخلّف تطاولا من الظالم عليه وعلى من سواه من المظلومين علّه ينتبه.
فقد يبتلى المؤمن بالمعاقبة بالمثل والظرف ظرف رجاحة العفو والإصلاح ، فالنصرة الإلهية تشمله كظروف الرجاحة والوجوب (إِنَّ اللهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ) عن مثل ذلك اللمم.
ثم الغفر لا يختص برفع اثر العصيان بعد ما كان ، بل ودفع العصيان عن المعفو ، من نفسه ام سواه ، فحين يعاقب المؤمن بالمثل ثم يبغى عليه يعفو الله عما فعل ويغفر له دفعا عنه من نفسه ام سواه عن التطاول ، حيث المعاقبة تخلّف تطاولا طائلا من المعاقب عليه والله يغفره ويستره عن المظلوم ف (إِنَّ اللهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ) تتبع في معناها موارده ، وهذه المعاني معنية حسب الموارد المختلفة.
(ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ وَأَنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ) ٦١.