إيلاج الليل في النهار وإيلاج النهار في الليل سنة كونية تشبه هذه السنة الشرعية والكونية في المعاقبة بالمثل ، فكما ان الله يولج كلّا في الآخر كظاهرة طبيعية تمر بالبشر ليل نهار وصيف شتاء ، فلا تطاول لليل على نهار ام لنهار على ليل ، اللهم إلا تساويا لردح قصير في ليال وانهار ، مصلحة دائبة قد تخفى على الناس.
كذلك الأمر بين المتعاقبين ، سماحا تكوينيا لمن يظلم ، ثم سماحا شرعيا في معاقبته بالمثل ، ثم نصرة للمنتصر بعد ظلمه إذ بغي عليه (وَأَنَّ اللهَ سَمِيعٌ) قيلات المعترضين ، ومقالات المظلومين «بصير» بحالات أولاء وهؤلاء ، فلا يعاملهم في احكامه التكوينية والتشريعية الا بالعدل ، كما يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل ، قصرا في كلّ ومزيدا في الآخر كمصلحة كونية وناموس مطّرد طبيعي ، كذلك الله يفعل بخلقه (وَلَوْ لا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ ..).
هنا الليل ـ علّه ـ كناية عن ليل الظلم على المظلوم ، والنهار هو الظالم ، حيث يصيب من حق المظلوم انتقاصا منه ، ثم يولج النهار في الليل ، معاقبة بالمثل المسموحة للمظلوم ، ايلاجا لكلّ في كلّ على سواء فكما الليل يزوي سلطان النهار ، كذلك ليل المظلومين يزوي بظلامه سلطان المتجبرين وينشر سلطان المؤمنين المظلومين.
وفيما نراه لا يعاقب الظالم بمثل ما ظلم واقعيا مهما كان الحكم هكذا شرعيا ، وهو الاكثرية الساحقة من الظلامات؟ فالنشأة الآخرة هي المجالة الاخرى الوافية الموفية لذلك الانتصار ، ف (لَيَنْصُرَنَّهُ اللهُ) ليست لتختص بالأولى ، والآخرة خير وأبقى ، وقد جمعت النصرة للحسين (عليه السلام) بين النشأتين ، فهنا النصرة لمرامه ومرماه حيث يقود مدرسة الشهادة والنضال في سبيل الله ، مستمرا به القتال ضد الفرعنة اليزيدية الاموية