والقدرة والحكمة البالغة ، العادلة الفاضلة ، (وَأَنَّ ما يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ) من آلهة واحكام «هو الباطل» متأرجفا في الحكم ، (وَأَنَّ اللهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ) عليّ عن ان تناله الأوهام ، ومن تطاول في الأحكام ، وكل ما لا يناسب ساحة الرب الملك العلام ، ف «هو العلي» لا سواه ، وهو «الكبير» في علوه لا سواه ، فرب علي غير كبير ، علوا جعليا مؤقتا ، او استعلاء دون حق ، (وَأَنَّ اللهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ) لا يأتي منه إلا الحق العالي الكبير.
(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ اللهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ) ٦٣.
وكما هنا الأرض الموطوءة بالأقدام ، اليابسة الواطئة تحت الأقدام ، تصبح مخضرة بماء السماء ، كذلك الله يفعل بالمظلومين المحطمين حيث ينزل ماء الحياة النصرة إليهم تكوينا وتشريعا في الاولى ، وانتصارا وافيا في الاخرى ، كما وينتصر لهم أحيانا في الدنيا ، وفي آخر احيانها يوم المهدي (عليه السلام) (وَالْعاقِبَةُ لِلتَّقْوى) حين تصبح ارض المستضعفين مخضرة بماء الرحمة والقوة والسلطة العالمية.
ولماذا «تصبح» مستقبلا استمراريا بعد «انزل» ماضيا؟ حيث ان اخضرارها نتيجة متاخرة عن إنزال ماء السماء ، هي في نفس الوقت مستمرة حيث الماء النازل إليها هو نصيبها الدائب ، مهما يتبخر صاعدا ويرجع نازلا على طول خط الحياة الارضية ، وهكذا الله يفعل بالمستضعفين المؤمنين ، ثم الانتصار الوفي في دولة المهدي (عليه السلام) ومن ثم الأوفى في الاخرى» (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى ، وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرى ثُمَّ يُجْزاهُ الْجَزاءَ الْأَوْفى)(٥٣ : ٣٩ ـ ٤٠).
(لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَإِنَّ اللهَ لَهُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ) ٦٤.