نهجه دون التفات ولا انشغال بنزاع المنازعين ولا جدل المجادلين ، فإنهم أغلقوا أبواب قلوبهم فهم عن الحق عمون فلا ترجع في جدالهم إلى هدى لهم الا إصرارا على ضلالهم واستكبارا وفرارا.
ان الجدال قد تعني ارشاد المجادل وهم لا يرشدون ، ام استرشادك ف (إِنَّكَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) ثم لا تعني ـ بعد ـ إلا ما يعنى فليس عليك يا رسول الهدى ولا لك الانشغال بذلك الجدال ، بعد أنك على هدى مستقيم وعلى بينات من الأمر لا مزيد عليها فانها كالشمس في رايعة النهار.
ونهاية المطاف معهم تحويلهم إلى الله : الله اعلم بما تعملون ، والله يحكم بينكم يوم القيامة فيما كنتم فيه تختلفون ، وذلك من مرور الكرام باللغو : (وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً).
(أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذلِكَ فِي كِتابٍ إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ)(٧٠).
«الم تعلم» يا رسول الهدى! وهو يعلم فاستفهام تقرير ، او «الم تعلم» ايها المجادل مع الرسول. فاستفهام تنكير (أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ) لا سواه ، ولا انا الرسول الا ما علمني ـ يعلم (ما فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ) وهما الكون كله ، فهو العالم بما نعمل وتعملون ، وهو الحاكم يوم القيامة بين عباده فيما كانوا فيه يختلفون.
«ان ذلك» العلم المحيط «في كتاب» مكتوب ثابت في الذكر الحكيم لدى الله العزيز العليم ، «ان ذلك» العلم المكتوب (عَلَى اللهِ يَسِيرٌ) مهما كان على من سواه عسير.
ام «ان ذلك» البعيد المدى من العلم المحيط «في كتاب» ف «ان ذلك» القليل القليل مما تعملون ، علمه (عَلَى اللهِ يَسِيرٌ) فما هو الا قطرة