كله أيا كان ومن أيّ كان قالة او فعالة ام حالة (وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً) (٢٥ : ٧٢) (وَإِذا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ) (٢٨ : ٥٥).
واللغو ـ ككل ـ هو ما لا يعتد به ولا يعنى حيث يورد لا عن رويّة ولا فكرة فيجري مجرى اللّغا وهو صوت العصافير حيث لا نفهم منه شيئا وإن تفهم هي وتعني ما تعنيه ، ولكنه لا يخص الصوت ، بل يعم كل حركة وسكون في مثلث الأحوال والأقوال والأفعال ، منك وممن سواك ، فتعيش حياة تعني الحيويّة الإنسانية الإيمانية ، دون الحيوانية اللاغية اللاهية مما لا يعنيه الايمان.
والإعراض هو حالة نفسانية ، فهو يعم الترك ، والمؤمن أيا كان يعترضه أحيانا اللمم وما فوقه فضلا عن اللغو ، فلم يقل هنا «تاركون» كيلا يخرج هكذا مؤمنين عن (أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ) وانما «معرضون» مهما يعتريهم بطبيعة الحال لغو وما فوقه.
ومن حق الإيمان أن يتطلب الإعراض عن اللغو الذي يرفضه الإيمان ، ترفّعا لنفس المؤمن النفيسة عن خسيسة الأعمال وخسة الأحوال والأقوال ، واعتلاء عن الإشتغال بما يمس من كرامته وشرافته ، وتعلقا بجلائل الأمور وعظائم المقاصد.
لست اعني ان المؤمن لا يتفرج ولا يمزح إذا كانا في سبيل التفريج عن التضايق ، والتخريج عن المضايق ، وانما اللغو هو ما لا يعنى لا في نفسه وفي لا غايته ، وأما ما يفيده تفريجا عن كربته وتفريحا عن كآبته ، مزاحا او لعبا اما إذا في هذه السبيل فهي سبيل الايمان وقضيته.
__________________
ـ في الآية ـ ان يتقول الرجل عليك بالباطل او يأتيك بما ليس فيك فتعرض عنه لله.