واين دور من دور ، ثم لا قيمة لهذا الجسد إلا لاستعداده حلول الروح بعيدا او قريبا ، وكذلك الدية طبقا عن طبق دون فوضى جزاف.
(... فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً ..) هي اللحمة الصغيرة قدر ما يمضغ ، وكأنها ممضوقة مهشّمة ، فلا هي لحمة كسائر اللحم ، ولا هي مهضومة كسائر الهضم.
(... فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظاماً ...)
ناعمة كأنعمها كما تناسب الجنين لأولى النشأة العظامية ، عظاما فيها الأسس الاولية لكل عظام الإنسان الأصلية مهما خفّت وقلّت ورخت.
(.. فَكَسَوْنَا الْعِظامَ لَحْماً ..) وهنا لك تتم الصورة الجنينية دون إبقاء ، وكيف هنا «كسونا» دون «خلقنا» خلاف التطورات السابقة ، لان اللحم غير نابت من العظام ، وغير متحول عنها ، فخلايا العظام هي خلايا المضغة والعلقة والنطفة وليست هكذا خلايا اللحم.
وهكذا كشف العلم اليوم النقاب عن وجه هذه الحقيقة الخفية ، على ضوء تقدم علم الأجنّة ، ان خلايا اللحم لا تشاهد ولا واحدة منها إلا بعد ظهور خلايا العظام واستكمال الهيكل العظمى ، وهكذا (فَكَسَوْنَا الْعِظامَ لَحْماً) عارضا عليها من غيرها ، من المواد المساعدة لنشوء الجنين في الرحم.
(.. ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ)
عبارة ثالثة عن ذلك التطور الجنيني ، أم رابعة بجعل الجعل أولا في «ثم جعلناه» تعابير قاصدة دقيق المعنى المرام ، دون فوضى التعبير.
هناك جعل وليس خلقا إذ لم يكن خلقا إلا قبل حيث (خَلَقْنَا الْإِنْسانَ ..) ومن ثم خلق في زوايا ثلاث ، كل لاحق يتبنى سابقه ، وكل تطور عن أسبقه مزيدا عليه.