وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ان الله تعالى يقول : يحزن عبدي المؤمن إذا قترت عليه شيئا من الدنيا وذلك اقرب له مني ، ويفرح إذا بسطت له الدنيا وذلك أبعد له مني ... ان ذلك فتنة لهم» (١).
وقال علي (عليه السلام): «فلو رخص الله في الكبر لأحد لرخص لأنبيائه ورسله ولكنه سبحانه كره التكابر ورضي لهم التواضع ، فألصقوا بالأرض خدودهم ، وعفروا في التراب وجوههم ، وخفضوا أجنحتهم للمؤمنين ، فكونوا قوما مستضعفين قد اختبرهم الله بالمخمصة ، وابتلاهم بالمجهدة وامتحنهم بالمخاوف ومحصهم بالمكاره ، فلا تعتبروا الرضا والسخط بالمال والولد جهلا بمواقع الفتنة والاختبار في موضع الغنا والإقتار فقد قال سبحانه: (أَيَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وَبَنِينَ نُسارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْراتِ بَلْ لا يَشْعُرُونَ) فان الله سبحانه يختبر عباده المستكبرين في أنفسهم بأوليائه المستضعفين في أعينهم» (٢).
اجلّ هؤلاء الحماقى لا يشعرون أن مدّ الأموال والبنين ليس مسارعة في الخيرات ، فهم يسارعون في ذلك البلاء المبين تلوما يمد الله لهم فيه زعما انه مسارعة في الخيرات ، وانما المسارع في الخيرات هم :
(إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ (٥٧) وَالَّذِينَ
__________________
(١) نور الثقلين ٣ : ٥٤٥ عن المجمع وروى السكوني عن أبي عبد الله عن أبيه عن آبائه عليهم السلام قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : ... ثم تلى هذه الآية إلى قوله : بل لا يشعرون ثم قال : ان ذلك فتنة لهم.
(٢) نهج البلاغة عن الامام امير المؤمنين (عليه السلام).