الله : (فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْبائِسَ الْفَقِيرَ) فرخص للمسلمين فمن شاء أكل ومن شاء لم يأكل ، والاكل أفضل كما فعل الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) هدما لسنة جاهلية ومشاركة مع البائس الفقير ، فيها تسوية بينهم وبينهم كيلا يظنوا انها خاصة بهم ـ فقط ـ لفقرهم ، بل هي هدية إلهية يشارك فيها المفدي ، وقد نحر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأخذ من كل جزور بضعة فجعلت في قدر فأكل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وعليّ من اللحم وحسوا من المرق (١).
وقد يكون الاكل منها ـ كما الإطعام واجبا ـ ادبيا فان تركه ترفّع على الفقراء كما كان عند اهل الجاهلية ، فليس الأمر ـ فقط ـ تجويزا لسابق الخطر ومظنته ، بل وإيجابا لكسر هذه السنة ، ففي تركه إبقاء لهذه السنة ومسايرة عملية مع أهلها.
ذلك واما اطعام البائس الفقير فهو الواجب الركني الأصيل في ذلك الهدي ، فأمره للإيجاب دونما ارتياب ، وليس الأمر الأوّل إلا هامشيا
__________________
ـ عن الحسن قال : كان الناس في الجاهلية إذا ذبحوا لطخوا بالدم وجه الكعبة وشرحوا اللحم ووضعوه على الحجارة وقالوا : لا يحل لنا ان نأكل شيئا جعلناه لله حتى تأكله السباع والطير فلما جاء الإسلام جاء الناس إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقالوا : شيئا كنا نصنعه في الجاهلية ألا نصنعه الآن فانما هو لله فانزل الله تعالى (فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا) فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). لا تفعلوا فان ذلك ليس لله.
(١) الدر المنثور ٤ : ٣٥٦ ، اخرج ابن أبي حاتم عن جابر بن عبد الله قال نحر رسول الله (ص) ومثله في التهذيب ٥ : ٢٢٣ صحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال : إذا ذبحت أو نحرت فكل واطعم كما قال الله تعالى ... وفيه ايضا الصحيح عن الباقرين عليهما السلام انهما قالا إن رسول الله (ص) امر أن يؤخذ من كل بدنة بضعة فأمر بها رسول الله (ص) فطبخت فأكل هو وعلي وحسوا المرق.