تعبيدا لطريق ذلك الإطعام ادبيا فائقا. والبائس الفقير ، هو أفقر من الفقير وأبأس من البائس فقد يكون «هو الزمن الذي لا يستطيع ان يخرج لزمانته» (١) وكما الفقير هو المكسور الفقار من شده المسكنة ، فذلك كسر في المال وكسر في الحال ، فانه اجهد من المسكين والفقير (٢).
فهذه اللحوم مما رزقهم الله وهي من (مَنافِعَ لَهُمْ) وقد جعلناها نحن رزقا للديدان والمحرقات والجرافات ، وبديل ان يكون ذلك الرزق من (مَنافِعَ لَهُمْ) أصبح عمليا من أضر المضار ماليا وادبيا وسياسيا حيث يضحك علينا العالمون كيف نبذر ذلك التبذير الرذيل وأمامنا في العالم الإسلامي فقراء لا يشمون ريح اللحم وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : انما جعل الله هذا الأضحى لتشبع مساكينكم من اللحم فأطعموهم منها» وسيأتيكم التفصيل بكل بيان فيه تحصيل عند تفسير الآية الثانية ان شاء الله تعالى.
واطلاق الذبح هنا وان كان يعم كل الحجيج حتى المفرد ، ولكنه مخصوص بحج التمتع (فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ... ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) (٢ : ١٩٦) ثم
__________________
(١) نور الثقلين ٣ : ٤٩١ عن تفسير القمي عن النوفلي عن السكوني عن أبي عبد الله (ع) قال هو ...
(٢) المصدر عن الكافي بسند متصل عن أبي بصير قال قلت لأبي عبد الله (ع) قول الله عز وجل : انما الصدقات للفقراء والمساكين؟ قال الفقير الذي لا يسأل الناس والمسكين أجهد منه والبائس أجهدهم.
أقول : تقديم الفقراء على المساكين عند الجمع ، وتخصيص الفقير بالذكر عند الإفراد كما هنا يساعدان المعنى اللغوي الذي ذكرناه.