ورابعة تبعيضية «الرجس من» بعض المحاولات «من الأوثان» ككل المحاولات الشركية الناشئة عن عبادة الأوثان ، وأما كسرها وإحراقها وأمثالهما من محاولات توحيدية فهي واجبة «من الأوثان» كبعض آخر مما يرتبط بالأوثان.
وقد تكون كلها معنية والأنسب في هذا المسرح هو الأول ، اجتنابا مما اهل لغير الله به عملا واكلا ، واجتنابا من القول الزور فيها أنها آلهة تستحق الإهلال لها في الذبائح ،
والقول بحرمة الاكل والإيكال من الاضاحي لأنها لله إذ كانوا يقولون فيها : لا يحل لنا ان نأكل شيئا جعلناه لله حتى تأكله السباع والطير فرد الله عليهم امرا بالأكل والإيكال بشروط الحلية ، وانه (لَنْ يَنالَ اللهَ لُحُومُها وَلا دِماؤُها ..).
ثم (قَوْلَ الزُّورِ) لا القول الزور ، هو قول من الزور او في الزور او للزور بمثلث التقديرات في الإضافات الطليقة ، فيحلق على كل قول مصدره زور ، او في مجال زور ام لغاية زور.
والزور من الزّور والتزوير هو الميل عن الحق تظاهرا بالحق ، نفاقا عارما ظاهره فيه الرحمة وباطنه من قبله العذاب ، فهو أخص من مطلق الكذب ، لأنه الكذب المنافق.
وواجب اجتناب قول الزور لا يخصه فاعليا ، بل وحتى حضورا لمحضره وانفعاليا ، فسماع شهادة الزور كنفس الشهادة مأمور باجتنابه وسائر قول الزور ، فمنه شهادة الزور ومنه قول المشركين في تلبيتهم : «لبيك لا شريك لك الا شريكا هو لك تملكه وما ملك» (١) كما منه قولهم في الاضاحي
__________________
(١) الدر المنثور ٤ : ٣٥٩ ـ اخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل في الآية يعني الشرك بالكلام وذلك انهم كانوا يطوفون بالبيت فيقولون ...