محكمات إلا شذرا كآية النور (لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) ما يتوجب عليكم ويحرم في شرعة الله.
(الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذابَهُما طائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ)(٢).
حكم ثان على الزانية ينسخ الحكم الأول في النساء : (وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلاً) (٤ : ١٥) وقد جعل لهن سبيلا هنا في النور (١) نهائيا ، بعد سبيلهن في النساء مؤقتا بدائيا ، مما يدل على تقدم النساء على النور ، وأن حكم الزّناة تدريجي تصاعدي كما هو طبيعة الحال في جملة من الأحكام ـ دون جملتها ـ الأحكام التي فيها
__________________
(١) نور الثقلين ٣ : ٥٦٨ ح ٥ في اصول الكافي عن أبي جعفر (عليه السلام) حديث طويل يقول فيه : وسورة النور أنزلت بعد سورة النساء وتصديق ذلك ان الله عز وجل أنزل عليه في سورة النساء (وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلاً) والسبيل الذي قال الله عز وجل (سُورَةٌ أَنْزَلْناها ... الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا ...). وفي الوسائل ١٨ : ٣٥١ ح ١١ علي بن الحسين المرتضى في رسالة المحكم والمتشابه نقلا من تفسير النعماني باسناده الآتي عن إسماعيل بن جابر عن أبي عبد الله (عليه السلام) عن آبائه عن امير المؤمنين في حديث الناسخ والمنسوخ قال : كان من شريعتهم في الجاهلية ان المرأة إذا زنت حبست في بيت وأقيم بأودها حتى يأتيها الموت وإذا زنى الرجل نفوه عن مجالسهم وشتموه وآذوه وعيّروه ولم يكونوا يعرفون غير هذا قال الله في أول الإسلام (وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ ...) فلما كثر المسلمون وقوي الإسلام واستوحشوا امور الجاهلية انزل الله تعالى : (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا ...) فنسخت هذه آية الحبس والأذى ، ورواه علي بن ابراهيم في تفسيره مرسلا نحوه.