و «للعالمين» حيث تشمل الطول التاريخي والعرض الجغرافي لذوي العقول دونما استثناء ، يصبح دليلا بجنب سائر الأدلة لكون هذه الرسالة السامية هي الشاملة الخاتمة للرسالات الإلهية أجمع ، والجمع المحلى باللّام يستغرق كافة مصاديقه دونما استثناء.
فالعالمين أجمعين سواء أكانوا في السماوات أم في الأرضين تشملهم هذه النذارة الأخيرة ، وكما تلمح له (الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ...) إذا فسعة هذه النذارة هي ملك السماوات والأرض!. وكما (فَتَبارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ) في خلق الإنسان في أحسن تقويم ، كذلك (تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ) حيث الفرقان في أحسن تقويم ، أحسن تقوم في التدوين لأحسن تقويم في التكوين.
وترى (لِلْعالَمِينَ نَذِيراً) بشخصه وجها بوجه في سنّي دعوته الثلاث والعشرين؟ وذلك غير واقع ولا ميسور! فإنما الهدف في تبنّي هذه الرسالة القرآنية هو النذارة لكل العالمين بمن معه من حملة رسالته وبلاغها إلى يوم الدين.
ولقد أدى هو واجبه الرسالي في عهديه المكي والمدني ، وصنع ـ بأذن الله ـ على ضوئها حملة لها على طول الخط ، والمحور الركين الأمين على مرّ الزمن هو الفرقان والفرقان فقط.
ولماذا ـ فقط ـ «نذيرا» لا «نذيرا وبشيرا» أو «بشيرا»؟ لأن البشارة ليست إلّا لمن يتقبل الدعوة ، فخاصة بالمؤمنين ، والنذارة تعم العالمين أجمعين ، ناكرين ومصدقين ، ولا تجد البشارة في سائر القرآن إلّا خاصة دون النذارة.
(الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ ...) :