تعقيب عام إجابة شاملة عن شطحات المتعنتين لشروطات الرسالة ، أن كافة الرسل قبلك كانوا بشرا مثلك في كل متطلبات البشرية : (قُلْ ما كُنْتُ بِدْعاً مِنَ الرُّسُلِ) فلو كنت ملكا لكنت بدعا من الرسل ، الأمر الذي يخرق إجماع الرسل وسنة الرسالة وهو مادة الريبة في رسالتي ، فإما أن تنكروا الرسالات البشرية كلها ، فإنكارا لأصل الرسالة الإلهية ، إذ لم يرسل غير البشر ، أو تصدقوا رسالتي التي هي تعقيبة خاتمة للرسالات كلها.
وليس هذا الجواب تحويلا للاعتراض من شخصه إلى كافة الرسل من قبله ، حتى يرجعوا قائلين : وكذلك الرسل من قبلك! إذ كان قولهم (ما لِهذَا الرَّسُولِ) خاصا بهذا الرسول ، كأنه بدع من الرسل في كونه بشرا ، فتخطى في الجواب عن نفسه الشريفة إلى كافة الرسل (وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ ...).
ثم لو عمموا الاعتراض كما عمموه في مجالات أخرى ، فالجواب (بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ) ولذلك يكذبون بأنبياء الساعة ، و (قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) و (انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ) جوابا محلّقا على كافة الاعتراضات الواقعة أو المحتملة ، حيث يقضي عليها كلها ، مع ما في سائر الآيات ، ك (وَلَوْ جَعَلْناهُ مَلَكاً لَجَعَلْناهُ رَجُلاً وَلَلَبَسْنا عَلَيْهِمْ ما يَلْبِسُونَ).
... (وَجَعَلْنا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً) فالبعض الرسل فتنة للبعض المرسل إليهم ، والكفار منهم فتنة للرسل ، وكما هم فتنة للمؤمنين والمؤمنون فتنة لهم ، كما والرسل بعضهم لبعض فتنة ، فاختصاص المسيح بالولادة دون أم أصبح فتنة لسائر الرسل في قياس الناس ، واختصاص محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) بين الرسل بآيته المعجزة الخالدة في قرآنه فتنة لسائر الرسل