نداوة فينزل كالعهن المنفوش أحيانا ، او تتجمع باندغام أكثر في ضغط الرياح فينزل بردا أخرى إذ تروج أجزاءه بمصاكة الرياح ، أو ينزل ماء ثالثة حيث البرودة في الجو أقل من هذه وتلك ، والرطوبة أكثر ، أو عمود النزول أطول ، فهذه إضبارة مثلث نازل السماء حسب مختلف الظروف ، والأصل واحد هو البخار دون أن تكون هناك في السماء مياه غير هذه الأبخرة الأرضية ، تمطر ، أم جبال من برد تهطر!.
(يُقَلِّبُ اللهُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصارِ)(٤٤).
آية التقليب هذه يتيمة لا مثيل لها في القرآن ، ففي آيات الليل والنهار قد ياتي اختلافهما (٢ : ١٦٤) وأخرى خلّفتهما (٢٥ : ٦٢) وثالثة إيلاج كلّ في الآخر (٣ : ٢٧) (يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً) (٧ :) ٥٤) وخامسة (اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ) (٣٦ : ٣٧) (اللهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ) (٧٣ : ٢٠) ثم لا نجد تقليبا لهما إلّا هنا فما ذا يعني تقليبهما؟
قلب الشيء هو صرفه عن وجه إلى وجه زمانا أو مكانا ، صوريا أو ماهويّا أما ماذا من وجه ، فتقليبه هو كثرة قلبه عدّة وعدّة بمختلف الوجوه ، من تقليب في مكان حيث الليل يسلخ منه النهار كما النهار يسلخ منه الليل ، فكل ياتي مكان الآخر خلفة واختلافا ، وهذا من خلفيات تقليب الكرة الأرضية ، ومن تقليب زمني إذ (يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ) تقصيرا من أحدهما فتطويلا في صاحبه ، وهو من خلفيات الحركة البيضوية للأرض فتحصل منها الفصول الأربعة حيث يقتضى مختلف الودق والإمطار ، وفي الشتاء الثلج والبرد ، فكلّ من هذه الأربع فصل فالأخيران شتويان ، ومهما عم الأولان كل الفصول ، ولكنهما في الصيف قليل ، ثم يكثر ان خريفا ثم ربيعا وفي الشتاء غزير كثير ، وهذا مما يربط آية التقليب بآية الودق والبرد! فآية التقليب تعني ما تعنيه سائر الآيات وزيادة تعم كل