الضوء من برق السحاب (١) الودق ، والمطر والبرد ، يكاد يذهب بالأبصار ، لشدة الالتماع وسرعة الإيقاع!.
أترى (مِنْ جِبالٍ فِيها) هي المستكنة في السماء المختلفة عن سحاب الودق المطر؟ والبرد يتحول في الأرض ماء! وليس نازل السماء إلّا صاعد الأرض دون زيادة أو نقيصة اللهم إلّا في طوفان نوح! (يا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ وَيا سَماءُ أَقْلِعِي ...) (١١ : ٤٤) فللأرض ماءها المخصوص بها ، ما يتبخر منها ويرجع وما يتبقى : (وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلى ذَهابٍ بِهِ لَقادِرُونَ) (٢٣ : ١٨) (وَالسَّماءِ ذاتِ الرَّجْعِ) (٨٦ : ٩) حيث ترجع أماناتها الأبخرة دون إبقاء ودقا ومطرا وبردا! (٢).
وصيغة الإصابة والصرف في البرد دليل أنه نقمة دون رحمة ، ولكنما الثلج الرخو في الأكثر رحمة إذ لا إصابة فيه وقعا ولا واقعا إلا سترة على أشجار ومخازن فوق الأرضية للمياه ، فمهما يشمله البرد في أصله ليس ليشمله في إصابته وفصله أو أنه لا يشمل الثلج الرخو أصلا.
ويا للبرد : ـ بندقية العذاب ـ من أشكال هندسية عجيبة شتى تحير العقول ، يرتفع البخار في الجو فيصبح كالهباء ثم تتجمع أجزاءه لما فيه من
__________________
(١) الضمير الغائب في برقه لا يصلح رجوعا الا إلى محور الكلام (السحاب) واما الودق والبرد أما ذا فلا ، والسحاب اسم جنس جمعي واحده سحابة فقد يرجع إليه ـ كما هنا ـ ضمير الواحد باعتبار اللفظ ، او الجمع باعتبار المعنى كالسحاب الثقال.
(٢) لم يأت الودق والبرد في القرآن الا هنا ، والمطر في (٨) مواضع والذي يعني مطر الماء في موضعين «إِنْ كانَ بِكُمْ أَذىً مِنْ مَطَرٍ» ٤ : ١٠٤ «قالُوا هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا» (٤٦ : ٢٧) ولم يكن ممطرا! وإنزال الماء من السماء نجده في آيات كثيرة وهو يشمل الثلاثة.