وارتفاعاتها وانخفاضاتها ، صورة هائلة لهذه السحاب لم يكد يراها الناس إلا بعد ركوب الطائرات.
ولكنما الطائر القدسي المحمدي الذي حلّق على الكون كله ليلة المعراج ببصره ، وأحاط به علما ببصيرته ، إنه كان يراها دون طائرة : (لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى ...)!.
إن نازل السماء من هذه السحاب ودق ومطر وثلج وبرد كلّها من الأبخرة المزجاة المسحبة من المياه فوق الأرضية ، وقد يعم البرد الثلج وليس في القرآن بعد الودق والمطر إلّا البرد!
ف ـ (مِنْ جِبالٍ فِيها) هي تلك التي تحمل البرد وهي السحاب الثقال تشبيها بالجبال بكثائف أطوادها ومشارف هضابها ، والضمير في «فيها» عائد إلى السماء دون الجبال ، و «من برد» تتعلق ب ـ «وينزل» (١) أنه ينزل من السماء ـ من جبال فيها هي السحاب البردية ـ ينزل من برد : بعضه لا كله ، فلو نزل كله لكانت الإصابة أخطر والفادحة أكثر ، ولكن (يُنَزِّلُ ... مِنْ بَرَدٍ) جنسه ، ثلجا أماذا ، وبعضه لا كله! «فيصب به» البرد «من يشاء» إصابته عذابا أو تأديبا ، امتهانا أو امتحانا ... (وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشاءُ) صرفه عنه فلا امتهان ولا إمتحان ، فالبرد ـ إذا ـ كعذاب قل أو كثر ، يصيب الأشجار والأثمار والأبنية وأصحابها ، وقد تصبح كرصاص تجرج أو تقتل لكبرها وشدة وقعتها!
(يَكادُ سَنا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصارِ) والسنا هو الضوء الساطع ، فساطع
__________________
(١) فليس من برد تعني ـ فقط ـ جنس الجبال ، فانها ليست بردا كما السحاب الممطرة ليست مطرا ثم لا متعلق ـ إذا ـ ل ـ «ينزل» فما ذا ينزل من جبال فيها من برد ، والاولى الجمع بينهما : ان من برد تتعلق ب ـ «ينزل» كما تتعلق بكائن حيث توضح جنس الجبال.