تغيير وتحوير في الليل والنهار بما يحملهما من أرضهما ، تقليب مقدّر قاصد دون هرج ومرج وفوضى (إِنَّ فِي ذلِكَ) التقليب الحكيم الهادف «لعبرة» يعبر بها إلى القدرة الحكيمة لمقلبهما (لِأُولِي الْأَبْصارِ) الذين يبصرون بهما فيبصّرانهم ، لا إليهما فيعميانهم كما الدنيا كلها : «من أبصر بها بصرته ومن أبصر إليها أعمته»!
(وَاللهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللهُ ما يَشاءُ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)(٤٥).
هنا خلق كل دابة من ماء ولا تشمل كل حي ، وفي الأنبياء (وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ) (٣٠) شاملة غير الدواب ، من سابح البحر وطائر الجو طيرا ، وطائر السماء ملائكة امّن ذا من كائن حيّ ، بحياة نباتية أو حيوانية أو إنسانية أو جنية أو ملكية ، وكل حي أيا كان وأيّان ، إلّا الميّت كالجمادات مهما كانت لها حياة التسبيح بحمد ربهم ، ثم وفي هود يعتبر الماء ـ وهو المادة الأم وهي تعم الماء وسواه من كائن ـ يعتبره مادة لخلق الكون أجمع : (هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ ...) (٧) ـ (١) ولا تصريحة في القرآن بخصوص خلق دابة او حيّ من ماء إلّا الإنسان : (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً
__________________
(١) انما عبر هنا عن المادة الاولية بالماء إذ لا خبر عن حقيقة هذا الماء فلا اسم موضوعا يعرفه ، فاستعير لفظة الماء إذ تحمل حقيقة تشابه المادة الاولية في مسانخة الاجزاء وهي معروفة لدى الكل ، فمن المعلوم ان ذلك الماء ليس ماء السماوات والأرض لان «كان» يضرب إلى ماض قبل خلق السماوات والأرض ، وكان عرشه يعني وكان بناءه في خلقه السماوات والأرض على الماء ، خلقهما منه.