المال؟ «فكاتبوهم» لا تشمل من لا مال له فليست المكاتبة إلا لأجل النجوم المقسّطة لدفع مال المكاتبة! (وَآتُوهُمْ مِنْ مالِ اللهِ) ليست لتعني كل مال المكاتبة ، اللهم إلا بعضا كما يتمكن المكاتب ويكفي للمكاتب له ، اللهم إلا إذا كان مال الله من الضرائب الكافية لثمنه.
ولماذا «آتوهم» بدل ألّا تأخذوا ، أو تنقصوا من حق المكاتبة؟ لأن ذلك أدخل في المحبة ، أن يرى المملوك عليه حقا ، ثم يدفع إليه من هذا الحق ما هو ينتظره ، فيدفع منه ما أخذه!
وهل يكفي من خير الرقيق الإيمان وإمكان دفع حق المكاتبة ، وقد يصبح كلّا على الجماعة المؤمنة ، أو يلجأ إلى أحط الوسائل ليعيش ويكسب ما يقيم أوده ، كوسيلة التكفف على أبواب الناس أو السرقة والخيانة ، ام البغاء في الفتيات! كلا ثم كلّا أن يرضى الإسلام كلّا هكذا وعبئا وعيبا ، فإنما الأمن مع الإيمان ، كيلا تصبح حريته وصمة على كتلة الإيمان.
فكما ليس التخرج ـ فقط ـ من المدرسة والجامعة مرغوبا للجماعة المؤمنة ، إلّا بكفاءة أمينة ثقافية وأدبية ، كذلك وبأحرى للمماليك وهم أبعد من ذلك ، ف (إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً) يعني الإيمان الأمين والتربية الصالحة لحدّ يصلح أن يلج الجماعة المؤمنة في حرية التصميم والإرادة ماديا ومعنويا! فكما أن عتقه يعني إسلاميا أن يعيش دور التربية الإسلامية ، كذلك تحريره تخرّج لمن يصلح أن يكون من ضمن الجماعة المؤمنة ، ونعم ما يروى عن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) في تفسير الآية «إن علمتم فيهم حرفة ولا ترسلوهم كلا على الناس» (١).
__________________
(١) الدر المنثور ٥ : ٤٥ ـ اخرج ابو داود في المراسيل والبيهقي في سننه عن يحيى بن أبي كثير قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) (فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً) قال : ... وعن ابن عباس وعبيدة السلماني وقتادة وابراهيم وأبي صالح ومجاهد ـ