التوبة دارئة عذاب الدنيا والآخرة ، والتوبة قبل الشهادة والإقرار على شروطها مقبولة ، ولكن الشهادة خارجة عن الإختيار ، فقد لا يتوب قبلها على غفلة ، ولكنما الإقرار في مطلق الإختيار فله التوبة ولا يستغفل أو يفاجأ.
ولماذا لم يكن المقرّون يمنعون عن الإقرار توجيها إلى التوبة بدلا عنه؟ لأنه ممانعة عن تحقيق حدود الله ، ولقد بيّن كتابا وسنة أن التوبة دارءة ، فإذا اختار الإقرار فلا سبيل إلا التشكيك ، وأما أن يحكم عليه حكما باتا بالمنع عن الإقرار فلا ، وإنما الاختيار بينه وبين التوبة ، وعلّهم كانوا يختارون الإقرار لأنه أدرء من العذاب وكما يلوح من أحاديث عدة ، وفي حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لمقرة بالزنا «استتري بستر الله» ولمقر «ويحك ارجع فاستغفر الله وتب إليه! (١).
__________________
ـ اعترفت لوعيدك إياها فسألها عمر فقالت : ما اعترفت إلا خوفا قال : فخلى عمر سبيلها ثم قال : عجزت النساء ان يلدن مثل علي بن أبي طالب ، لولا علي لهلك عمر! قال : وفي الامالي حدثنا علي بن حسن عن حماد بن عيسى عن جعفر عن أبيه قال : لا يجوز على رجل حدّ بإقرار على تخويف ضرب ولا سجن ولا قيد.
(١) المصدر ٤٧١ ـ اخرج ابو داود والنسائي واللفظ له بإسناد فيه مجهول من حديث أبي بكرة عن أبيه قال : شهدت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو واقف على بغلته فجاءته امرأة حبلى فقالت : انها قد بغت فارجمها فقال لها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) استتري بستر الله ، فذهبت ثم رجعت إليه وهو واقف على بغلته فقال ارجمها فقال لها (صلى الله عليه وآله وسلم) : استتري بستر الله ـ فرجعت ثم جاءت الثالثة وهو واقف على بغلته فأخذت باللجام فقالت : أنشدك الله الا رجمتها ، قال (صلى الله عليه وآله وسلم) : انطلقي حتى تلدي فانطلقت فولدت غلاما فجاءت به النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فكفله النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ثم قال : انطلقي فتطهري من الدم فانطلقت فتطهرت من الدم ثم جاءت فبعث النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) الى نسوة فأمرهن ان يستبرئنها وان ينظرن أطهرت من الدم فجئن فشهدن ـ