المطلق (١) حيث أوجدهما من مادتهما ، كما أوجد لا من شيء ، فالعدم المطلق ظلمات مطلقة لا حظّ لها من الوجود ، فالإيجاد لا من شيء إنارة عن الظلمة المطلقة إلى نور تجمع (الظُّلُماتِ وَالنُّورَ) حيث الوجود فيهما نور! «اللهم إني أسألك بنور وجهك الذي أضاء له كل شيء» فضوء كل شيء هو ضوء الوجود وتقديره وهدايته التكوينية!
ومن (نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) الهداية التكوينية لزاما وغير لزام (٢) «الذي أحسن كل شيء خلقه ثم هدى» (٣٢ : ٧).
ومن (نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) أنهما دالتان ببارع الصنع فيهما على خالقهما ومدبرهما ، فهما ظاهرتان ومظهرتان!
ومن (نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) الهداة إلى الله ، الأدلاء على مرضات الله بوحي من الله ، وحملته الرسل المصطفون : (اللهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ) (٢٢ : ٧٥) وهي كلها ظاهرات بينات ، مظهرة للخفيات ، وهذه هداية تشريعية وشرعية.
إذا فتكوينهما وتدبيرهما وهدايتهما تكوينية وتشريعية وشرعية ، والتدليل بهما على خالقهما ومدبرهما ، كل ذلك نورهما حيث أنار الله تعالى.
(مَثَلُ نُورِهِ) إضافة النور إليه دليل أنها لا تعني ـ فيما تعني ـ ذاته ، كما دلت إضافتها إلى السماوات والأرض ، فلو أنها من صفات ذاته السرمدية ،
__________________
(١) مطلق العدم قد يناسب وجودا مّا كما السماوات والأرض كانا موجودين في مادتهما الأولية إذ لا سماوات ولا أرض ، والعدم المطلق لا يناسب اي وجود فهو إذا كان الله ولم يكن معه شيء.
(٢) الهداية الاولى هي الضرورية الاضطرارية التي هي لزام كل كائن ، والثانية هي التي قد تتحول باختيار السوء إمّا ذا؟