الأم ، فكل شيء سوى الله ، من جماد ونبات وحيوان وإنسان وجان وملائكة أمّن ذا وماذا ، إنها مخلوقة من «الماء» دونما استثناء ، فأين التجرد في روح وسواه والكل من مواليد الماء.
إذا فآيات الخلق والجعل من الماء هي من دلالات المادية الشاملة لما سوى الله من جسم وروح ، وكما آيات أخرى وروايات وأدلة عقلية تدلنا على مادية الروح أيا كان ، وبحثه الفصل تجده في آية الروح (قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي)(١).
ولماذا «منهم» هنا ثلاث مرات راجعا إلى (كُلَّ دَابَّةٍ) و «هم» يعني ذوي العقول؟ إنه لتغليب ذوي العقول من إنس وجن أمّن ذا؟ تشملهم (كُلَّ دَابَّةٍ).
تذكر هنا من صنوف الدواب أقسام ثلاثة «على بطنه ـ على رجلين ـ على أربع» ثم يشار إلى سائرها الزائد على أربع ب (يَخْلُقُ اللهُ ما يَشاءُ) معللا بالقدرة المطلقة الإلهية (إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ). ابتداء ب (مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ) كالزواحف ، لأنها أعجب مشيا إذ تمشي دون أرجل ثم (مَنْ يَمْشِي عَلى رِجْلَيْنِ) وسطا في العجاب مع أنه أمتن المشي ثم (مَنْ يَمْشِي عَلى أَرْبَعٍ) وهو أمكنه وأركنه ، وكلما ازدادت الأرجل نقص العجاب من ناحية وازداد من أخرى ، كالتي تمشي على ألوف الأرجل!.
(لَقَدْ أَنْزَلْنا آياتٍ مُبَيِّناتٍ وَاللهُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ)(٤٦).
هذه الآيات المبينات هي المنزلة هنا وفي ساير القرآن ، فإن آياته كلها مبينات تبين الحق كما يحق ، فمن شاء اهتدى بها (وَاللهُ يَهْدِي) إيصالا إلى الحق بعد اهتداء الدلالة «من يشاء» وهو من يشاء الهدى بآياته البينات (إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ).
__________________
(١) وكما في آية الزوجين والأزواج وأمثالهما وآية الإنشاء في سورة الحج.