عنهم ذلك الإيمان ، المناسب لنفاق خلوا عن أي ايمان ، أم إيمان ناقص ، وقد ردف المنافقون بالذين في قلوبهم مرض فهم أخص منهم (لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ...) (٣٣ : ٦٠) ومن «ارتابوا» بعد الإيمان كمغيرة بن وائل ، ومن (يَخافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللهُ عَلَيْهِمْ) وله بعض الإيمان كمن لا نسمّيه ،
فالمتولي عن حكم الرسول المعرض عنه بعد دعوى الإيمان والطاعة ليس إلّا منافقا في قلبه مرض ، أم مرتابا بعد إيمان ، أم قليل الإيمان حيث يخاف أن يحيف الله عليه ورسوله (وَما أُولئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ ... بَلْ أُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) بحق الإيمان المدعّى منافقا ، وبحق الإيمان الكائن مرتابا بعده ، وبحق الإيمان الباقي خائفا حيف الله ورسوله نقصا في الإيمان ، وهم الظالمون بحق الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وبحق من نازعوه في حقهم ، ولم يرضوا بحكم الرسول حيث يحكم بالعدل!
و «بل» هنا إعراض عن توليهم الإعراض بمثلث الأعراض التي حالت دون الطاعة لرسول الهدى ، و (أُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) يعني ـ فقط ـ المعرضين ، لا كل «الذين (يَقُولُونَ آمَنَّا بِاللهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنا) فمنهم الصادقون الصالحون ، (ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ) لا كلهم فلا يعمهم مثلث التنديد و «الظالمون»! لقد كانوا على علم ألا يحيف الله ورسوله عليهم ولا يحيد عن الحكم الحق فيهم ، إذ لا ينحرف الرسول مع الهوى حتى ينجرف ويتردى ، إن كانوا مؤمنين ، ولكنهم لمرض في قلوبهم : نفاقا أم ضعف الإيمان ، أو ارتياب بعد الإيمان ، خافوا أن يحيف الله عليهم ورسوله ، بل ليس هذا أو ذاك سببا لخوف الحيف (بَلْ أُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)!
ف ـ «بل» هذه إعراض في وجهيه ، إلى سبب واحد هو الظلم ، سواء أكان في قلوبهم مرض أو ارتياب أو خوف أم لم يكن ، فحتى المشرك