بالله لا يعرض عن حكم الله خوف الحيف فضلا عن الموحّد مهما كان منافقا أمن ذا؟ فإنما هو الظلم الكامن في قلوبهم يدفعهم إلى الإعراض عن حكم الله!
ترى أليست هذه الثلاث من الظلم حتى يعرض عن سببيتها إلى الظلم؟ علّه يعني أعمق الظلم وأحمقه ، أنهم خلوا من هذه الثلاث يعرضون عن حكم الله ظالمين ، تعديا عن طور الإيمان المدّعى ، وأنهم على واحدة من هذه الثلاث ظالمون فإن الكل ظلم ، فإنما الظلم لا سواه هنا وهناك يدفعهم إلى الإعراض عن حكم الله! فلا حكم إلا لله أصالة وإلّا لرسول الله رسالة ، والتحاكم إلى غير حاكم الله تحاكم إلى الطاغوت أيا كان ، وإن مدعيا للإسلام يتردى ردائه ويتحكم أمته! (يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ) (٤ : ٦٠)!
إن حكم الله بحكمه فهو الوحيد البريء عن خوفة الحيف ، لأنه العدل الذي لا يظلم مثقال ذرة ، وخلقه في ميزان عدله سواء ، وليس في شرعته إلّا سيادة القانون الحق دون سائر السادة ، وقيادة القانون الحق دون سائر القادة ، ولا حماية ولا مصلحية إلّا العدالة المطلقة التي لا يسطع لها إلا الله.
فإذ كان الله هو العدل حقا ، فالذي يحيد عن حكم الله إلى سواه هو الظالم حقا (بَلْ أُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) وليس الله وليس رسول الله ، ولا كل من يحكم بحكم الله ، فإنما هم المعرضون عن حكم الله!
قضية الإيمان الصادق ألّا يقدّم بين يدي الله ورسوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ) (٤٩ : ١) فالمقدّمون بين يدي الله ورسوله هم المنافقون مسلمين كانوا أم سواهم (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُدْعَوْنَ إِلى كِتابِ اللهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ