وَهُمْ مُعْرِضُونَ) (٣ : ٢٣) فالمنافقون كما الكافرون ملة واحدة وأما المؤمنون :
(إِنَّما كانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٥١) وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ)(٥٢).
إنما السمع والطاعة بعد القول (آمَنَّا بِاللهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنا) هو قاعدة الإيمان وفائدته ، فعند تقلب الأحوال يعرف جواهر الرجال ، وعند الامتحان يكرم المرء أو يهان.
فالقول «آمنا ...» هو قولة الإيمان صورة لفظية ، وعقد القلب به هو صورته المعنوية ولمّا يصل إلى سيرته ، ف ـ (إِذا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ) هنا تتبين سيرة الإيمان بسريرته : (أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) عمليا في تجربة الإيمان ، بعد فلاحهم في حال ومقال!
ثم لا يفوز بفلاحه هذا بعد القول : سمعا وطاعة ، إلّا بمثلث الطاعة الخشية التقوى : ١ (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ ٢ وَيَخْشَ اللهَ) ٣ «ويتقيه» ـ (فَأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ)!
فالخطوة الأولى هي الفلاح : شق الطريق الصعبة الملتوية إلى المقصود ، ثم الثانية هي الفوز : الظفر بالخير مع حصول السلامة دنيا وعقبى ، فالقول : سمعنا وأطعنا إفلاح تعبيدا للطريق ، وطاعة الله ورسوله وخشية الله وتقوى الله ، هي اجتياز بسلامة إلى الخير المقصود ، كما الفلّاح يفلح الأرض شقا وإعدادا للبذر ، ثم يبذر بسلامة ويحصد ، إفلاحا ففوزا تلو بعض!
وهكذا نرى آيات الإفلاح والفوز أن الثاني بعد الاوّل ومن مخلفاته : (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فازَ فَوْزاً عَظِيماً) (٤ : ٧٣) (فَمَنْ زُحْزِحَ