واما التجريد فسكوت الآية عنه دليل على عدمه ، فكما الحالة العادية للجلدة هي المتوسطة ، كذلك هي فوق ثوب لا يمنع من تألمه وإلا فهو رحمة عليه منفية في الآية ، وهنا تقبل الرواية الموافقة لظاهر الآية وتطرح غيرها او تؤول (١).
ثم الجلد زمن نزول الآية لم يكن إلّا من الجلد ، فليكن به لا سواه ، إلا إذا كان مثله في العذاب ، فلا يكفي ما دونه ولا يجوز ما فوقه.
وظاهر «فاجلدوا» الحاكم الشرعي ، وإذا أمر غيره فليكن ممن لم يجب عليه الحد ولم يجر عليه ، (وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللهِ) فدينه طاعة ائتمارا بأمره : «فاجلدوا» وجزاءه (مِائَةَ جَلْدَةٍ) والرأفة التي تمنع الحد او تنقصه كما او كيفا ، او تؤجله ، إنها محرمة في دين الله ، كما أن نقمته فوق الحد كما او كيفا ، أم إهانته قبل الحد او بعده مخالف لدين الله ، فلا إفراط في الحد ولا تفريط ، فإنما العوان الذي أمر به الله لا سواه.
فالحد ـ أيّا كان ـ محدّد بالكتاب والسنة ، والتجاوز عنه إفراطا أو تفريطا محادة لله ومشاقة! فلا يحل ، ولا شطر كلمة مهينة ، ولا فعلة مهانة بحق فاعلي الفاحشة إلا ما حدّه الله وحدده.
دين الله هو دين الرأفة ، جماهيرية وشخصية ، ولكنها الرأفة بمقترف الفاحشة كشخص ، هو خلاف الرأفة بالكتلة المؤمنة ، إذ ديست كرامتها ،
__________________
(١) المصدر ٣٧٠ ح ٧ عن جعفر عن أبيه (عليه السلام) قال : لا يجرد في حد ولا يشبح يعني يمدّ وقال : ويضرب الزاني على الحال التي وجد عليها إن وجد عريانا ضرب عريانا وان وجد وعليه ثيابه ضرب وعليه ثيابه.
وفيه عن أبي ابراهيم (عليه السلام) جوابا عن السؤال : فمن فوق ثيابه؟ قال : بل تخلع ثيابه.
أقول : وقد يعني «تخلع ثيابه» الثياب غير المباشرة لبدنه المانعة من تأثير الضرب.