ثم و (عَذابٌ أَلِيمٌ) في الدنيا والآخرة قدر ما أفسد على الجماعة المؤمنة ، أترى أن أصل التحذير لا يشمل مخالفة أي أمر من أمره جامعا وسواه؟ أجل إذ لم يخص بأمره الجامع ، وإلا كان حق التعبير «عن الأمر» أو «أمره الجامع» فمخالفة أمره (صلى الله عليه وآله وسلم) لأنه أمره محظور ، وعن أمره الجامع اشدّ حظرا.
هنا نستوحي أن مخالفة امر الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) أيا كان محظور ، إذا فطبيعة الحال في الأمر هي الوجوب إلّا إذا قامت قرينة على سواه كما في مندوبات الأمر ، او الأمر عقيب الحظر أمّاذا من قرائن ، وهذه هي قضية الأمر في كل أمر من كل آمر ، حيث الأمر دفع إلى الفعل ، ولا يعني الدفع إلّا إياه مائة في المائة ، أما السماح في الترك مع رجاحة الفعل فلا تقتضيه صيغة الأمر إلّا بقرينة.
فلا حجة لمن يترك الأمر لأنه علّه لأصل الرجحان مع جواز الترك ، حيث الأمر بنفسه تحريض على الفعل ، فلا يحمل جواز الترك ، إلّا لقرينة قاطعة ، متصلة ام منفصلة ، وكذلك الأمر في النهي طبقا عن طبق.
وختاما لهذا التحذير وختما للسورة تاتي تنبيهة عامة للغافلين ، ما تعنيه (إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ) :
(أَلا إِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قَدْ يَعْلَمُ ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ فَيُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ).
ألا إن ملكيته الحقيقية لما في السماوات والأرض وأنتم منهما ، تقتضي أنه (قَدْ يَعْلَمُ ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ) من حاجيات الحياة التكاملية حيوانية وإنسانية ، فيقضيها بقضاء تكويني وتشريعي في نشأة الحياة الدنيا ، و (يَعْلَمُ ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ) وجاه الشرعة الإلهية كفرا ونفاقا أو إيمانا ، وفي مدى