المرسل إليهم كافة ، حيث هنالك تثبيت لأفئدة المؤمنين إيمانا ومزيد إيمان ، ولكيلا يخيّل إلى بسطائهم أن الرسول إنما يحدثهم عن نفسه وعقليته : (وَإِذا بَدَّلْنا آيَةً مَكانَ آيَةٍ وَاللهُ أَعْلَمُ بِما يُنَزِّلُ قالُوا إِنَّما أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ. قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدىً وَبُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ) (١٦ : ١٠٢).
فإنزال القرآن دفعيا ليلة القدر كان بلا وسيط ، وتنزيله تدريجيا بذلك الوسيط ، تثبيتا للذين آمنوا ، وأصل التدريج في التنزيل (لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ وَرَتَّلْناهُ تَرْتِيلاً) لتحور قلوب مؤمنة حول محور فؤاده المنير ، إذاعة قرآنية تذيع ما تستذيع ، دون ظنّة ولا تضييع ، ودون فارق في الاستذاعة بينه وبين المرسل إليهم!
فلكلّ من الرسول والمرسل إليهم فائدة وعائدة في تنزيله مفرقا على نجومه ، كلّ كما يناسب حاجيته وحاله.
فكما في قصص الأنبياء تثبيت لفؤاده ، وعلى ضوئه أفئدة المؤمنين في حمل أعباء هذه الرسالة السامية : (وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْباءِ الرُّسُلِ ما نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَكَ وَجاءَكَ فِي هذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرى لِلْمُؤْمِنِينَ) (١١ : ١٢).
كذلك في تدرّج نزوله ككل ، أحكاما وأنباء غيبته أما هيه ، تثبيت لفؤاده المنير ، رسولية ورسالية.
فترى قصص الماضين تقص طول العهدين : المكي والمدني ، حسب الحالات والمناسبات الرسالية والرسولية ، تثبيتا لفؤاد الرسول والمؤمنين العائشين عبء هذه الرسالة ، تخفيفا عن كواهلهم هنا وهناك ، فتراها تتكرر في مختلف الصور ، وفي الطول والقصر ، اللهم إلّا قصة يوسف حيث الحكمة اقتضت إفرادها في مجالها المناسب.