هي دليل الظل وليست هي صاحبة الظل ، بل هي مصاحبة الظل لكل ذي ظل تحت ظل الشمس.
ثم هذا الظل الممدود لا يدوم ، حيث الشمس في إشراقتها في كل أفق لا تدوم ، بل (ثُمَّ قَبَضْناهُ) : الظل (إِلَيْنا قَبْضاً يَسِيراً) بقبض الشمس الدليل عن كل أفق إلى آخر ، مما يدل على حراك الشمس وكروية الأرض.
الشمس بأظلالها ـ هنا ـ قد تعني شمس الحياة الحقيقية ، حيث أظلت في الحياة الدنيا ظلالا ، ثم تقبض ظلالها قبضا يسيرا ، وهكذا تكون الحياة الدنيا.
ثم ومشهد الظل الوريف الظريف بمختلف المظاهر حسب مختلف الآفاق وذوات الأظلال ، ليوحي إلى النفس بنظرة للشمس الشارقة على الأجسام ، وهي شمس الهداية الربانية ، وهي دين واحد بأظلال عدّة : (شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ وَما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ ...) (٤٢ : ١٣).
فشمس الهدى واحدة من الرب ، وهي دليل أظلالها في الشرايع الخمس ، كلما قبض ظلّ ظهر ظلّ آخر ، وذلك القبض المتواتر للأظلال سنة دائبة حتى الظل الأخير في الشرعة المحمدية ، وكما للشمس ظل أخير في إشراقتها الأخيرة.
قبض يسير في زمنه ، يسير في القدرة الربانية ، غير عسير في أية مجالة ، فليعتبر ناظر إلى هذه الشمس بأظلالها ، أن شمس الهداية الربانية نظيرتها ، تجاوب كتابي التشريع والتكوين ، رائعا بارعا لكل ناظر بصير.