الضافية ، وتستر الجنن الواقية واللباس هي افصح العبارات عن هذا المعنى. ثم وفيه النوم انقطاعا عن حركات النصب فهو سبات ، كلباس آخر على الإنسان ، ثم يتنفس الصبح فيتنفث الروح في حياة البدن كما كان ، وتنبعث الحركات فهو نشور عن هذا الموت القصير اليسير ، أفلا يدل تلاحق الليل والنهار بلباس السبات ونشور النهار ، على امكانية تلاحق الموت والحياة ، وفي واقعه حق العدل وعدل الحق؟
(وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُوراً (٤٨) لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنا أَنْعاماً وَأَناسِيَّ كَثِيراً)(٤٩).
«الرياح» هنا ليست كل الرياح ، حيث البعض منها نذر بين يدي غضبه ، و «رحمته» هنا الماء النازل من السماء ، فمهما كانت الرحمات المادية عدة ولكن الماء هو أمّ الرحمات : (وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ) لذلك ف «رحمته» هنا وكأنها كلها ، تعبير عن ماء السماء.
(وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُوراً) في جمعية الصفات «نا» تلميحة أن ماء السماء يحمل جمعية الرحمات ، دلالة ثانية على عظم الرحمة في الماء ، ومن عوائده : «لنحيي ... لنسقي» إحياء لميتات ، واستبقاء لحياة. و «طهورا» في مواصفة الماء تجعله في قمة الطهارة بين الأطهار ، فلو كان طاهرا في نفسه غير مطهر لغيره لكان «طاهرا» لا «طهورا» والفعول مبالغة في الطاهر ، ولا معنى لمبالغة الطهارة إلّا أن تتخطى الطاهر إلى سواه ، تطهيرا لما سواه من قذارات ونجاسات ، وأحداث وأخباث ، فيشمل الطهارتين على غرار التفاصيل المسرودة في السنة المباركة.
وقد فصلت هذه الطهورية وفسّرت في الأنفال : (وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ