إِلَّا عَلَى اللهِ) (٣٤ : ٤٧)(١).
ف (مَنْ شاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً) هو المسؤول عن ذلك الأجر ، وهي السبيل مع الرسول إلى الله : (يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً) حيث المودة في هذه القربى تقربكم مع الرسول إلى الله زلفى.
ففي الحق إن المودة في القربى أجر للرسالة حيث تبلّغها كما ترمى ، وليست أجرا للرسول إذ لا يرجع إليه نفعها ، فهو استثناء متصل من جهة ، منفصل من أخرى.
أجل ـ ليس للرسول مطمع ومطمح في أجر لهذه الرسالة الناهضة الباهضة على أعبائها ، فليست هناك إتاوة ولا نذر ولا قربان يقدّمه المسلم لكي يسلم ، فلا كاهن هنا يتقاضى ثمن كهانته ، ولا وسيط يقبض أجر وساطته ولا هنا رسم دخول ، وإنما يدل هذا الدين بكل بساطة ، إقرارا بالشهادتين ، وتقريرا لمعناهما حسب المستطاع : (إِلَّا مَنْ شاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً) وهذا هو وحده الأجر إن صحت صيغة الأجر ، وهي تصح في لطافة التعبير وإناقته ، ثم يا رسول الهدى ، لا عليك في هذه السبيل الشاقة الطويلة من سبيل إلّا :
(وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفى بِهِ بِذُنُوبِ عِبادِهِ خَبِيراً)(٥٨).
لا توكّل لك ولا عليك هنا على دعوتك ولا على المدعوين لك ، وإنما (عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ) ف «توكل» (وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ) تنزيلا له في إيجابية الصفات عما يوجب التحديد والتشبيه ، فسبّحه فيها عن كل تشبيه «وكفى
__________________
(١) راجع لتفصيل البحث إلى الفرقان في سورتي الشورى والسبأ.