هنا (الَّذِينَ آمَنُوا) لا «المؤمنون» قد تلمح بشمولهم الذين أسلموا ولما يدخل الإيمان في قلوبهم ، والذين أسلموا منافقين ، ضمن المؤمنين الحقيقيين ، فالتكليف عام يشملهم كلهم ، فهم مأخوذون به كلهم أجمعون!
ولقد جعل الله سكنا وسترا وأمنا على العورات والحرمات ، وليست هكذا إلّا حين تكون حرما آمنا لا يستبيحها أحد إلّا باستيناس من أهلها وسلام ، فالدخول دون استيناس يسمح لأعين الداخلين أن تقع على عورات ، وتلتقي بمفاتن تثير الشهوات ، وتهيئ الفرص والمجالات لنظرات طائرة مستطيرة ، فتحوّلها إلى علاقات فلقاءات آثمة ، وهذه خطوات شيطانية أولاها الدخول في البيوت فجأة دون استئناس ، وإلى آثام ومجالات لاتهامات.
ولقد كانوا في الجاهلية على تلك الهمجية ، يدخل الزائر هاجما فناجما وسط العورات في الحالات التي يتأبّى كل إنسان أن يرى عليها ، فمن أجل الحفاظ على حرم البيوت وحرمها وحرمة الداخلين إليها نزلت آية الاستيذان وما يليها تدريبا للذين آمنوا بذلك الأدب الإسلامي السامي.
«بيوتكم» هنا هي البيوت الخاصة بكم ، لا المشتركة بينكم وبين غيركم ولا (بُيُوتِ آبائِكُمْ (١) أَوْ بُيُوتِ أُمَّهاتِكُمْ (٢) أَوْ بُيُوتِ إِخْوانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَواتِكُمْ) فضلا عن (بُيُوتِ أَعْمامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ
__________________
(١ ـ ٢) نور الثقلين ٣ : ٥٨٦ ح ٨٥ باسناده عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : يستأذن الرجل إذا دخل على أبيه ولا يستأذن على الأبن قال : ويستأذن الرجل على ابنته وأخته إذا كانا متزوجتين ، وفي التفسير الكبير ٢٣ : ١٩٩ عن عطار بن يسار ان رجلا سأل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال : استأذن على أختي؟ فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) نعم أتحب ان تراها عريانة.