يؤذن لهم دونما أنس ورضى! فالإيناس بشيء هو لمسه بوفاق (فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ) (٤ : ٦)
فليلمس الداخل بيتا أن فيه أهلا يوافقون دخوله على خبرتهم ، ولمّا استكمل الاستيناس ولمّا يدخل ، فالسلام على أهله ومن ثم الدخول ، ويا لها صيغة مؤنسة «تستأنسوا» بدل «تستأذنوا» تعبيرا يوحي بلطف الاستئذان ولطف الطريقة التي يتطرقها الطارق ، فيحدث في نفوس أهل البيت أنسا فاستعدادا لاستقباله ، كلفته دقيقة لطيفة لرعاية أحوال النفوس ، وتقديرا لظروف الناس في بيوتهم وما يلابسها من ضرورات لا يجوز ان يتحرج أهلوها أمام الطارقين ليل نهار.
وحين لا يسمح بدخول بيوت غير بيوتكم إلّا بعد استيناس وسلام على أهله ، فبأحرى عدم السماح في النظر إلى عورات البيوت بعد دخول ، فضلا عما قبله وقبل الشرطين ، فإنه محظور مؤكد آكد من محظور الدخول دون شرطيه من دون نظر ، لحدّ «إذا دخل البصر فلا إذن له» (١) «فإذا نظر في قعر البيت فقد دخل» (٢) بلا إذن «فإنما الاستئذان من النظر» (٣).
__________________
(١) الدر المنثور ٥ : ٣٩ ـ اخرج البخاري في الأدب وابو داود عن أبي هريرة ان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : ... وفيه اخرج ابن مردوية عن عبادة بن صامت ان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) سئل عن الاستئذان في البيوت فقال : من دخلت عينه قبل ان يستأذن ويسلم فقد عصى الله ولا اذن له.
(٢) المصدر اخرج الطبراني عن أبي امامة عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : من كان يشهد اني رسول الله فلا يدخل على اهل بيت حتى يستأنس ويسلم فإذا نظر ...
(٣) المصدر ـ اخرج ابن أبي شيبة وابو داود البيهقي في شعب الايمان عن هذيل قال : جاء سعد فوقف على باب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يستأذن فقام على الباب فقال له النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) هكذا عنك فانما الاستئذان من النظر ، واخرج ـ