مستقيم في بعدين فان لم يستقم البعد الاوّل من الصراط لم يستقم الثاني : (أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ) فقد كان الرسول على صراط الإنسانية المستقيم ، وصراط العبودية حتى اصطفاه الله على صراط مستقيم من الوحي والرسالة والنبوة بأكمل درجاتها. (١)
وقد يعني (الْقُرْآنِ الْحَكِيمِ) ـ إلى جانب قرآن محمد ـ محمد القرآن لأنه تجسيد لحكمة القرآن وأحكامه ومعارفه ، وقد كان خلقه القرآن (٢) فهو الثقلان مهما كان القرآن أكبر الثقلين ، فهو عقله وقلبه القرآن الحكيم بما فيها من تفاصيل المعارف الإلهية ، ما يحتاجه ويحتاجه العالمون أجمعون إلى يوم الدين.
وقد يتأيّد بما يأتي من إجابة المرسلين : (قالُوا رَبُّنا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ) حيث استندوا لإثبات رسالتهم بظاهر التربية الخاصة الرسالية فيهم.
وأوضح من ذلك آية ثانية في يس : (وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَما يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ) فالرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) هو القرآن المبين كما القرآن مبين ، بل هو أبين لأنه يجسّده بكل مظاهره ، ويفسره بسنته.
فالقرآن دون الرسول كما الرسول دون القرآن جناح واحد في الدعوة ينقص ثانية ، المحلّق بهما في اجواء الهداية الكاملة.
__________________
(١) «عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ» على الأول خبر ثان وعلى الثاني متعلق بالمرسلين.
(٢) وكما سئل ابن عباس ما كان خلق النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : كان خلقه القران.