(فَسُبْحانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) (٨٣).
هنا ملك سريع الزوال ، وهناك ملك أبطأ في الزوال لأنه أقوى ملكا ، وشيء منهما ليس مطلقا لا يغلب صاحبه ، فقد يغلب وقد يغلب.
__________________
ـ الحروف تعرف كل شيء من اسم حق وباطل او فعل او مفعول أو معنى او غير معنى وعليها اجتمعت الأمور كلها ولم يجعل للحروف في ابداعه لها معنى غير أنفسها يتناهى ولا وجود لها لأنها مبدعة بالإبداع والنور في هذا اوّل فعل الله الذي هو نور السماوات والأرض والحروف هي المفعول بذلك الفعل وهي الحروف التي عليها الكلام والعبارات كلها من الله عز وجل علّمها خلقه وهي ثلاثة وثلاثون حرفا فمنها ثمانية وعشرون حرفا تدل على لغات العربية ومن الثمانية والعشرين اثنان وعشرون حرفا تدل على لغات السريانية والعبرانية ومنها خمسة أحرف متحرفة في سائر اللغات من العجم الأقاليم اللغات كلها وهي خمسة أحرف تحرفت من الثمانية والعشرين حرفا من اللغات فصارت الحروف ثلاثة وثلاثين حرفا ، وأما الخمسة المختلفة «فتجحخ» لا يجوز ذكرها اكثر مما ذكرناه ، ثم جعل الحروف بعد إحصائها واحكام عدتها فعلا منه كقوله عز وجل : (كُنْ فَيَكُونُ) وكن منه صنع وما يكون به المصنوع فالخلق الاول من الله عز وجل الإبداع ولا وزن له ولا حركة لا سمع ولا لون ولا حس والخلق الثاني حروف لا وزن لها ولا لون وهي مسموعة موصوفة غير منظور إليها والخلق الثالث ما كان من الأنواع كلها محسوسا ملموسا ذا ذوق منظورا اليه والله تبارك وتعالى سابق بالإبداع لأنه ليس قبله عز وجل ولا كان معه شيء والإبداع سابق للحروف والحروف لا تدل على غير نفسها ، قال المأمون : كيف لا تدل على غير نفسها؟ قال الرضا (عليه السلام) لان الله تبارك وتعالى لا يجمع منها شيئا بغير معنى أبدا فإذا ألف منها أحرفا أربعة أو خمسة أو ستة أو أكثر من ذلك او اقل لم يؤلفها لغير معنى ، ولم يك الا لمعنى محدث لم يكن قبل ذلك شيئا ، قال عمران : فكيف لنا بمعرفة ذلك؟ قال الرضا (عليه السلام) اما المعرفة فوجه ذلك وبيانه انك تذكر الحروف إذا لم ترد بها غير نفسها ذكرتها فردا فقلت : ا ب ت ث ج ح خ حتى تأتي على آخرها فلم تجد لها غير أنفسها وإذا الفت وجمعت منها وجعلتها اسما وصفة لمعنى ما طلبت ووجه ما عنيت كانت دليله على معانيها داعية الى الموصوف بها ، أفهمت؟ قال : نعم.