(لا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جانِبٍ)(٨).
لا يتسمعون إلى الملأ الأعلى مهما حاولوا : (وَما تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّياطِينُ وَما يَنْبَغِي لَهُمْ وَما يَسْتَطِيعُونَ. إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ) (٢٦ : ٢١٢) «ويقذفون» بالنيازك النارية (مِنْ كُلِّ جانِبٍ) إذا تدنّوا تسمّعا ، ولا يقذف إلا من تسمّع قذفا لدحره دون ثقب بالثواقب :
(دُحُوراً وَلَهُمْ عَذابٌ واصِبٌ) (٩) قذف ودحر لمن تسمّع لكيلا يسمع
أترى «دحورا» هي جمع الدحر بمعنى المصدر؟ أو اسم المفعول؟ أم هو المصدر مفردا؟ مفعولا له أو مفعولا مطلقا؟
معنى الدحر مفردا بعيد فإن لفظه لفظه لا دحورا ، فقد تعني جمع الدّحر بمعنى المفعول مبالغة كأنهم نفس الدحور ، ليس لهم إلا اندحار وفرار ، هو حالهم إذ يسمعون فلا تتاح لهم فرصة وما يستطيعون (إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ) (وَلَهُمْ عَذابٌ واصِبٌ) : خالص دائب يوم الدنيا إذ يعيشون اندحارا في ترذّل عما كانوا يشتهون ، وبأحرى يوم الأخرى فهم في جهنم خالدون.
(إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ ثاقِبٌ)(١٠).
يقذفون من كل جانب لدحرهم دون ثقبهم حيث الجريمة هي التسمع في سمع ولمّا تقع ، يقذفون دحورا (إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ) اختلاسا واستراقا (إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ مُبِينٌ) (١٥ : ١٨).
ذلك الشهاب والنيزك الناري يتبع الخاطف المسترق ويثقبه ، مبينا في الجو لكل مستبين ، ومبينا أن هناك خطفة واستراقا ، ومبينا أنهم «لا يسمعون» و (إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ).