«أهم» بنو آدم (أَشَدُّ خَلْقاً) وأشدّه وأصلبه في البنية الجسدانية ـ فقط ـ ف ـ (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) فلا أحسن منه في مطلق التقويم ، مهما كان «من خلقنا» من سواه (أَشَدُّ خَلْقاً) ، و «من خلقنا» يعم الجن والملائكة ممن نعرف ، وغيرهما من ذوي عقول لا نعرفهم ، وعلّهم يشمل سائر الخلق ايضا (أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّماءُ بَناها) (٧٩ : ٢٩) والسماء بما فيها من كواكب وغازات أشد خلقا من هؤلاء أجمع ، (ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ ...) غاز ما أصلبه وأصلده وقد خلقت منها الكواكب! ولكنما الإنسان (إِنَّا خَلَقْناهُمْ مِنْ طِينٍ لازِبٍ) : لازم بعضه بعضا ولازق ، فبنية الإنسان أرخى من (مَنْ خَلَقْنا) فخلقه أهون بدءا من بدئهم ، فخلق أمثالهم يوم المعاد ـ وهو أهون ـ أسهل من خلق من خلقنا مرحلتين! (لَخَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) أكبر لأنه أشد وخلقهم أسهل!
و (طِينٍ لازِبٍ) هو سلالة من طين : (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ) (٢٣ : ١٢) (ثم جمع سبحانه من حزن الأرض وسهلها وعذبها وسبخها تربة سنّها بالماء حتى خلصت ولاطها بالبلة حتى لزبت) (١)
هناك الإنسان في أوّله تراب ، ثم بسنّ التراب ماء حما مسنون : (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ) (١٥ : ٢٦) ثم سلا من صلصاله فطين لازب ، هو السلالة من طين بلا نتن من حمئه ولا يبس من ترابه ، فإنما (طِينٍ لازِبٍ)! (٢)
__________________
(١) نهج البلاغة عن الامام امير المؤمنين علي (عليه السلام)
(٢) الدر المنثور ٥ : ٢٧٣ ـ اخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله (مِنْ طِينٍ لازِبٍ) قال : اللازب والحمأ والطين واحد كان اوله ترابا ثم صار حما منتنا ثم صار طينا لازبا فخلق الله منه آدم.