انحراف ، فأهل الحق إلى صراط الجنة المستقيم ، وأهل الباطل إلى صراط الجحيم ، كلّ إلى ما خطط لنفسه من هدى وصراط وما ربك بظلام للعبيد.
ويا لها من لهجة جازمة في تهكّم عارم ، وها هم أولاء قد هدوا إلى صراط الجحيم ولمّا يصلوها ، إذ يبادرهم أمر الإيقاف :
(وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ)(٢٤).
إنه ليس سؤال استعلام عن مجرمين وسواهم (فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌّ ... يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي وَالْأَقْدامِ) (٥٥ : ٤١) (وَلا يُسْئَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ) (٢٨ : ٧٨) وإنما هو سؤال تنديد وتبكيت عن المجرمين ، ثم لا سؤال عن سواهم إلّا بيانا لموقفهم أمام أهل الحشر أجمعين تبجيلا لهم أو تخجيلا :
(فَلَنَسْئَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْئَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ. فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَما كُنَّا غائِبِينَ) (٧ : ٧) (لِيَسْئَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ وَأَعَدَّ لِلْكافِرِينَ عَذاباً أَلِيماً) (٣٣ : ٨) وقد يروى عن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) قوله : (يا معاشر قراء القرآن اتقوا الله عز وجل فيما حمّلكم من كتابه فإني مسئول وإنكم مسئولون ، إني مسئول عن تبليغ الرسالة وأما أنتم فتسألون عما حمّلتم من كتاب الله وسنتي) (١) و (ألا كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته) (٢).
__________________
(١). نور الثقلين ٤ : ٤٠٢ ح ٢٢ عن اصول الكافي باسناده عن جابر عن أبي جعفر (عليه السلام) قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : ...
(٢) حديث مشهور عنه في كتب عدة وفي المصدر ح ١٥ في اعتقادات الامامية للصدوق قال زرارة للصادق (عليه السلام) ما تقول يا سيدي في القضاء والقدر؟ ـ