قرون كافرة مضت وغبرت درج التأريخ «أهلكناهم» هلاك استئصال العذاب ام موت «فنادوا» حين هلاكهم استغاثة النجاة (وَلاتَ حِينَ مَناصٍ) وفرار وخلاص.
(وَعَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقالَ الْكافِرُونَ هذا ساحِرٌ كَذَّابٌ) (٤).
ويا عجباه من عجبهم (أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ) والمجانسة هي من لزامات الدعوة الرسالية تكملة للحجة ، وإيضاحا عمليا للمحجة (وَقالَ الْكافِرُونَ) بالتوحيد والرسالة (هذا ساحِرٌ) يسحرنا بكلامه «كذاب» في دعوته ، ومن ادلة كذبه دعوته الى خلاف الأصل :
(أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عُجابٌ)(٥).
وي! كأن الأصل الأصيل في الالوهة هو الآلهة ، فالداعي الى إله واحد يدعو الى شيء عجاب! وترى كيف انقلب الباطل أصلا والأصل باطلا حينما يتعود الإنسان على باطل ودون اي برهان ، إلا تعاقب الآباء القدامى على اصالة العدد ورغم ان الأصل بين المشركين ـ ايضا ـ إله واحد هو خالق الكون : «ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله قل فأنى تؤفكون»؟! ... ومن ثم اختلقوا له أندادا ليضلوا عن سبيله ، وعلى مرّ الزمن وتوالي القرون تناسوا ذلك الأصل ، وعاكسوا امره بخلاف الأصل ، فليأت من يدعي الوحدة ببرهان!
رغم ان الواحد متفق عليه والزائد مختلف فيه ، وعلى مدعي الزيادة ان يأتي ببرهان! فهنا يصور النص مدى دهشتهم من هذه الحقيقة الفطرية العقلية ، التي تصدقها كافة البراهين (أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ