(٤ : ١٥٥) فتلك من كبائر الحسنات ، وهذه من كبائر السيئات.
فالأعمال ـ إذا ـ مكتوبة لا هي فحسب ، بل بمفعولياتها وفاعلياتها ، الباقية بعد انقطاعها ، إن خيرا فخير وإن شرا فشر ، وهذا هو السرّ في زيادة العقوبات زمنا على السيئات ـ أحيانا ـ ونقيصتها عنها أخرى ـ حيث العمل يوزن ـ يوم الوزن ـ بمخلّفاته ، لا فحسب بذاته ، فالخلود أبديا وغير أبدي ، وهما محدودان لأصل الحد في العمل بمخلفاته وخلفياته ، ذلك الخلود لا تجب موازاته زمنا وفي مادة العذاب بنفس العمل مادة وزمنا ، بل وكما يكتب (وَنَكْتُبُ ما قَدَّمُوا وَآثارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ) من العمل وآثاره (أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ)!
وقد تشمل «آثارهم» آثار أقدامهم إلى حسنات (١) أو سيئات ، فإنها ليست مما قدموا كأصول الأعمال ، فلا تشملها «ما قدموا» ولأنها من سنن تتبع حسنات او سيئات فهي من آثارهم.
(وَكُلَّ شَيْءٍ) مما قدموا وآثارهم أما ذا من شيء كائنات العالم كله ، وأفعالها وأحوالها ما ظهر منها وما بطن ، كل ذلك دونما إبقاء (أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ) والإحصاء هو العلم التفصيلي ، والإمام المقتدى ، والمبين هو المظهر ، فما هو الإمام المبين؟
لا نجد الإمام المبين إلّا هنا وفي الحجر (وَإِنَّهُما لَبِإِمامٍ مُبِينٍ)(٧٩)
__________________
(١) المصدر اخرج ابن أبي سيبة واحمد وابن مردويه عن انس قال : أراد بنو سلمة ان يبيعوا دورهم ويتحولوا قريب المسجد فبلغ ذلك النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فكره ان تعرى المدينة فقال يا بني سلمة اما تحبون ان تكتب آثاركم الى المسجد قالوا بلى فأقاموا وعن ابن عباس فأرادوا ان ينتقلوا قريبا من المسجد فنزلت (وَنَكْتُبُ ما قَدَّمُوا وَآثارَهُمْ) فقالوا : بل نمكث مكاننا ، أقول واخرج ما في معناه جماعة آخرون.