ولو كان (رُدُّوها عَلَيَّ) طلبا لرد الشمس ، فهي كلمة عارية عن كل أساليب الأدب عقيب ترك كل أدب للرب حيث ترك الصلاة ، وكأنه متآمر على ربه ، ويعتبره جماعة من جنوده ، «ردوها» أم يأمر جنود ربه ، واللائق بهذه الحالة الضراعة البالغة والبكاء ، والمبالغة في إظهار التوبة ، وأما أن يقول منهورا مستهترا متغاضيا عن عظمة الرب (رُدُّوها عَلَيَّ) فلا يقولها أدنى الناس!
(وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمانَ وَأَلْقَيْنا عَلى كُرْسِيِّهِ جَسَداً ثُمَّ أَنابَ)(٣٤).
(فَتَنَّا سُلَيْمانَ) تأشيرة لامعة أن عرض الصافنات لم تكن فتنة له وابتلاء ، وإلّا فلما ذا هنا «فتنا» وهناك (نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ. إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ)؟
وترى ما هو الجسد الملقى على كرسيه وممّ أناب؟
هل هو جسد سليمان نفسه حين مرض لحد كأنه جسد لا روح له؟ وصحيح التعبير عن المرض هو المرض ، دون الجسد الصريح في ميت! ثم «وألقينا» دون ضمير يرجع إليه ، و «جسدا» منكرا دون جسده ، ثلاثة دالة على أنه غير سليمان نفسه!
أم إنه الشيطان الملقى على كرسيه يحكم بديله أياما (١)؟ فكذلك الأمر ، ولأنه حيّ غير مريض ، وإلقاء الشيطان على كرسي الحكم الرسالي إلغاء للحكم الرسالي!
__________________
(١) الدر النثور ٥ : ٣١٣ ـ اخرج ابن جرير عن ابن عباس في الآية قال : الجسد الشيطان الذي كان دفع سليمان اليه خاتمه فقذفه في البحر وكان ملك سليمان في خاتمه وكان اسم الجني صخرا ، واخرج ابن جرير عن السدي ان الشيطان حين جلس على كرسيه أربعين يوما ... أقول وانها خرافة نكراء هراء!