أو أنه جسد صبي له كان «استرضعه المزن خوفا من بأس الشياطين ، فألقاه الله على كرسيه جسدا تنبيها على أن الحذر لا ينفع من القدر» (١)؟ ولو أن للشياطين مقدرة على قتله لقتلوا مسترضع المزن والسحاب! وكيف يخافهم ولا مميت ـ كما لا محيي ـ إلا الله!
أو أنه ولد له من واحدة من السبعين امرأة جاءت بشق ولد ، رغم ما هواه أن يؤتى بسبعين ولد يضربون بالسيف في سبيل الله ولم يقل إن شاء الله (٢)؟ وقد يجوز ولكي لا يقول لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله!
ومهما يكن من شيء فليس الجسد الملقى على كرسيه من شأنه حتى يكون شائنا فيه فيستغفر وينيب ، فإنما له صلة بشأن منه ، فتنة له في غير محظور ولا مشكور.
فالابتلاءات مختلفة حسب مختلف المبتلين ، فكما أن منها جزاء بما عمل
__________________
(١) الطبرسي روى ان الجن والشياطين لما ولد لسليمان ابن قال بعضهم لبعض ان عاش له ولد لنلقين منه ما لقينا من أبيه من البلاء فاشفق (عليه السلام) منهم فاسترضعه المزن وهو السحاب فلم يشعر الا وقد وضع على كرسيه ميتا تنبيها على ان الحذر لا ينفع من القدر وانما عوقب على خوفه من الشياطين وهو المروي عن أبي عبد الله (عليه السلام).
(٢) تفسير الفخر الرازي ٢٦ : ٢٠٨ ـ روى عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) انه قال قال سليمان لأطوفن الليلة على سبعين امرأة كل واحدة تأتي بفارس يجاهد في سبيل الله ولم يقل ان شاء الله فطاف عليهن فلم تحمل الا امرأة واحدة جاءت بشق رجل فجيء به على كرسيه فوضع في حجره فو الذي نفسي بيده لو قال : ان شاء الله لجاهد كلهم في سبيل الله فرسانا أجمعون فذلك قوله : ولقد فتنا ... وأخرجه البخاري في صحيحه مرفوعا عنه (صلى الله عليه وآله وسلم).