من سوء تنبيها وتخفيفا عن جزاء ، كذلك منه ما يبتلى بها عباد الله الصالحون ولكي يزدادوا من ربهم زلفى ، فان أفضل الأعمال أحمزها ، (وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً ...) (٢ : ١٢٤) كذلك يبتلي سليمان بفتنة ، فيسأله تعالى بعد نجاحه (هَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي ...) فيؤتاه سؤله «فسخرنا ...».
أتراه لأنه عصى ربه يطلب منه ذلك الملك القمة ، بديل التوبة؟ وكما قالوه في عرض الصافنات الجياد؟!
(فَتَنَّا سُلَيْمانَ) حين ترك إن شاء الله ، وحين (أَلْقَيْنا عَلى كُرْسِيِّهِ جَسَداً) فما فزع من ذلك الجسد الذي عكس هواه في سبيل الله ، فلما نجح (فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ) من ترك المشكور هنا : إن شاء الله ، ومن أن يعترضه أي محظور ، (ثُمَّ أَنابَ) إلى ربه في استيهاب الملك القمة.
ولماذا الاستغفار من ترك المشكور ـ إن صح الحديث أن ترك إنشاء الله ـ؟ لأن حسنات الأبرار سيئات المقربين!.
وقد يلمح استيهابه ربه ملكا لا ينبغي لأحد من بعده أن الجسد الملقى على كرسيه كان من يرجو سليمان أن يرثه ملكه ، فلما ابتلي بموته استبدل به ما هو خير :
(قالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ)(٣٥).
أتراه يبخل في ذلك الاستيهاب الإستيعاب ، فيتطلب ملكا لا ينبغي حتى لخاتم الأنبياء روحيا ، ومن ثم لخاتم الأوصياء زمنيا وروحيا وهو يصفهما على البدل كأفضل محبوب كما في النص العبراني التالي :