فالقائم المهدي (عليه السلام) يعيش عيشة الفقراء فلا يقال عنه : أحد من الملوك ، وسليمان النبي عاش كأفضل عيشة الملوك مهما لم تملكه زهوة الملوك!
ف (مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ) يعم الملوك من غير النبيين حيث لا ينبغي لهم ملك النبوة مهما كانوا عدولا ، والنبيين غير الملوك إذ لم يعطوا ملكا إلى نبوة ، والإمام المهدي الذي أوتي أقوى قوة روحية وزمنية ليس في عداد الملوك ولا النبيين ، فلا ينبغي أن يقال له : ملك ، لأنه فوق الملوك ، وأن عيشته عيشة أفقر الفقراء.
(فَسَخَّرْنا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخاءً حَيْثُ أَصابَ)(٣٦).
طرف من ملكه الذي لا ينبغي لأحد أن سخّرت له الريح تجري بأمره رخاء حيث أصاب ، فهو إذا راكب الريح يسوقها كما يسوق ركاب الطائرات (١).
إنها ريح (عاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلى الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها) (٢١ : ٨١) وهي (غُدُوُّها شَهْرٌ وَرَواحُها شَهْرٌ) (٣٤ : ١٣).
أترى لا تنافي «رخاء» هنا «عاصفة» هناك؟ كلّا! فإن رخاء حال جريانها بأمره ألّا تستصعب مطاوعة أمره ، ثم وقد يتجمع العصف والرخاء ، أنها تجري سريعة تعصف ، ولكنها عصفة الرخاء كأن لا حراك لها ، رغم أن الاضطراب وشديد الحراك من خلفيات السرعة.
فالريح العاصفة الرخاء كانت له مركبة فضائية لا تشعره بحراك رغم سرعتها الهائلة! (تَجْرِي بِأَمْرِهِ) كما سخر الله (حَيْثُ أَصابَ)
__________________
(١) راجع سورة سبأ من الفرقان تجد تفسيرا مفصلا لآية الريح.