في دلالة القصة وإيحائها إلى ما يرام منها ، فلا يهمنا أنها «انطاكية» كما تقول الروايات أم غيرها ، وكما لم يفصح عن اسماء الرسل ، حيث الرسالات طبيعتها واحدة ، كما المرسل إليهم ، مهما اختلفت مواد الدعوة في بعض صورها وأزمنتها وأمكنتها ، ولذلك لا نرى من أسماء الألوف من الرسل إلّا زهاء ستة وعشرين رسولا في القرآن ، كان ذكرهم لزاما في هذه الرسالة الأخيرة.
وقد تلمح «إذ أرسلنا» لرسالة دون وسيط من رسول الإنسان (١) مهما كان رسول الرسول بأمر الله رسولا من الله ، فلا تنافيه الرواية القائلة أنهم رسل المسيح (عليه السلام) (٢) اللهم إلّا بولص الخائن إذ لم يكن من الحواريين ولم يؤمن بالمسيح إلّا غدرا بعد صعوده (عليه السلام) فلم يكن المسيح ليرسل رسولا إلا بإذن الله ، وإذ لم يصدق «إذا أرسلنا» فمن المستحيل أن يرسله الله على علمه أنه خائن (٣).
(إِذْ أَرْسَلْنا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُما فَعَزَّزْنا بِثالِثٍ فَقالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ)(١٤).
__________________
(١) نور الثقلين ٤ : ٢٧٩ ج ٣٠ ـ تفسير القمي بسند متصل عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : سألته عن تفسير هذه الآية فقال : بعث الله عز وجل رجلين الى اهل مدينة انطاكية فجاءهم بما لا يعرفون فغلظوا عليهما فأخذوهما وحبسوهما في بيت الأصنام فبعث الله الثالث فدخل المدينة ...
(٢) المصدر عن المجمع قال وهب بن منبه بعث عيسى هذين الرسولين الى انطاكية ... فلما كذب الرسولان وضربا بعث عيسى (عليه السلام) شمعون الصفا رأس الحواريين على اثرهما لينصرهما ...
(٣) الدر المنثور ٥ : ٢٦١ ـ اخرج ابن أبي حاتم عن شعيب الجبائي قال : اسم الرسولين الذين قال : إذ أرسلنا إليهم اثنين شمعون ويوحنا واسم الثالث بولص!