نتسمى هذه السورة بالزمر لأنها تتحدث عن الزمر جملة وتفصيلا ، ففي جملتها سوق الذين كفروا إلى النار زمرا وسوق الذين اتقوا إلى الجنة زمرا ، وتفصيلا حيث تتحدث على طولها عن زمر الجنة وزمر النار.
وكلها تحوي محوى موضوع واحد هو توحيد الله تعالى ، طائفة بالقلب في تعاقب جولاتها تطبع فيه حق التوحيد والتوحيد الحق ، وتمنع عنه تسرّب كل شرك ، حيث تستعرضها في صور شتى.
وتقارب آياتها في صلاتها يبرزها كأنها نزلت كما الّفت والّفت كما نزلت ، حيث الصلة الأليفة تبعّد اختلاف تاليفها عن تنزيلها ، وليست بذلك بدعا من السّور فكم لها من نظير.
(تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ)(١) إنا أنزلنا.
كما أن إنزال الكتاب من الله العزيز الحكيم كان جملة في إحكام في ليلة القدر دفعة دون تدريج ، كذلك تنزيل الكتاب تفصيلا في تدريج طول البعثة هو من الله العزيز الحكيم (كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ) (١١ : ١) ف «الكتاب» المنزّل هو المنزل مهما اختلفت صورة الجملة عن صورة التفصيل.
(تنزيل الكتاب) مبتدأ و (من الله) خبره المؤكد ، أو أنه خبر للبسملة ، أنها تنزيل الكتاب في تفصيله المجمل فإنها تحوي الكتاب جملة كما الكتاب كله تحويه تفصيلا ، أم إنه خبر ل (هذا) أمّاذا من مبتدء؟ وكلّ محتمل والأول أجمل وفاقا لأدب اللفظ دون حذف ، ولأدب المعنى حيث أردف التنزيل بالإنزال.
فعزة الله وحكمته باهرتان في هذا التنزيل كما هما في ذلك الإنزال ، ومن تنزيل الكتاب (تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ)!