الله؟ فقالوا : نتقرب بذلك إلى الله تعالى ، فقال (صلى الله عليه وآله وسلم) : أو هي سامعة مطيعة لربها عابدة له حتى تتقربوا بتعظيمها إلى الله؟ فقالوا : لا ـ قال (صلى الله عليه وآله وسلم) : فأنتم الذين نحتّموها بأيديكم فلإن تعبدكم ـ هي لو كان يجوز منها العبادة ـ أحرى من أن تعبدوها إذا لم يكن أمركم بتعظيمها من هو العارف بمصالحكم وعواقبكم والحكيم فيما يكلّفكم) (١).
وفي الحق إن تسوية غير الله بالله في أية منزلة من منازل الربوبية ضلال مبين : (تَاللهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ. إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِينَ) (٢٦ : ٩٨) وظلم عظيم : (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) فكيف تكون ـ إذا ـ حال من يعبد من دون الله ولا يعبد الله ، زعم أنه يقرب زلفى إلى الله؟ إنه أظلم وأطغى وأضل سبيلا! حيث الزلفى هي القربة الزلفى (٢) الراجحة على قربة العبادة دون إشراك! فيا لهم مراما ما أبعده أن يعتبروا عبادة غير الله أفضل وأحظى من عبادة الله.
وهكذا خيّل الى بعض الصوفية إذ يوجهون خطابهم في (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) إلى صورة المرشد القطب ، زعما أنهم لا يليقون لخطاب دون فصل لبعدهم عن ساحته تعالى وبعده في محتده عنهم ، فليعبدوا مقربا عند الله ليقربهم بذلك إلى الله! وهم بذلك يزدادون بعدا عن الله ، كما ازداد طاغوتهم بعدا على بعد (ظُلُماتٌ بَعْضُها فَوْقَ بَعْضٍ)! وهم بهذه الهرطقة الجاهلة القاحلة ينزّلون الرب عن ساحته ، ويمسون من كرامته ،
__________________
(١) الاحتجاج للطبرسي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حديث طويل وفيه : ثم اقبل على مشركي العرب ...
(٢) الزلفى هي مؤنث أزلف فهي افعل تفضيل في القرب والحظوة.