مخالفين أمره في عبادته الخالصة ، ورافعين درجة من يزعمونهم عباده إلى درجته الخاصة!
(إِنَّ اللهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي ما هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) (حكم) بين الموحدين وسواهم ، وبين المشركين في مختلف شركهم ، وبينهم وشركائهم ، والمشركون هم المحكومون في هذه الثلاث ل (إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كاذِبٌ) في إشراكه بالله ، (كَفَّارٌ) لأنعم الله ، لا هدى في الأولى ولا في الأخرى ، فالإشراك بالله محكوم في كافة المحاكم العادلة ، لدى الفطرة والعقل والشرعة الإلهية ، ولا يملك أية برهنة إلّا حجة داحضة (ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى) (ظُلُماتٌ بَعْضُها فَوْقَ بَعْضٍ إِذا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَراها)!
(لَوْ أَرادَ اللهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً لَاصْطَفى مِمَّا يَخْلُقُ ما يَشاءُ سُبْحانَهُ هُوَ اللهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ)(٤).
(لو) تنحو نحو الممتنع ، حيث اتخاذ الولد له يمتنع ، ولماذا يتخذ ولدا؟ ألكي يرثه بعد موته؟ وهو الوارث لخلقه حيا لا يموت! أم ليسانده في سلطانه؟ وهو المساند لكل سلطان ، غنيا لا يستند ولا يساند! أم لوحشة عن وحدة؟ ووحشة الوحدة ليست إلّا لضعيف عن ضده الأقوى ، ولا ضد له فضلا عن الأقوى! أمّا ذا من أسباب اتخاذ الولد؟ وهي كلها مستأصلة عن ساحة الربوبية : (قالُوا اتَّخَذَ اللهُ وَلَداً سُبْحانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطانٍ بِهذا أَتَقُولُونَ عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ) (١٠ : ٦٨)؟
كل ذلك في بوتقة الاستحالة حيادا عن فقره تعالى ونقصه ، كذلك والتبنّي تشريفيا فإنه مجاز فيما تجوز حقيقته : (وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً سُبْحانَهُ بَلْ عِبادٌ