الفصول والأيام في تبادل التناقص والتزايد : (يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ) (٢٢ : ٦١) وهما متلاحقان حثيثا : (يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً) (٧ : ٥٤).
فكلما تدبر الشمس عن أفق يقبل فيه الليل فيغشى النهار في طلبه الحثيث ، وكلما تقبل يدبر فيه الليل فيغشاه النهار! فلولا كروية الأرض لاستحال تكوير كلّ من الليل والنهار على الآخر ، فإما ليل فقط أم نهار فقط! ولولا دوران الأرض لاستحال إيلاج كل في الآخر ، وغشيانه الآخر هو الآخر!.
كور الليل من ناحية وكور النهار من أخرى يقتضيان دورين للكرة الأرضية ، فلولا كور السطح نهارا لم يكوّر النهار على الليل ، ولولا كور السطح المقابل ليلا لم يكوّر على النهار ، حيث التقابل المسطح ليس كورا ، فإنما هو التقابل النصف دائري لمكان الكورين.
فهذه الآية ترسم أنسق تعبير وأدقه لكور الأرض ودورها حول نفسها وحول شمسها ، لا نجده في الصلاحات الجغرافية طول التاريخ الجغرافي!
ثم في الآية ثلاثة مواضع تدلنا على إمكانية ولزوم المعاد الحساب :
(خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ).
فعلى حق الخلق فيهما يحق المعاد ، ولو كان باطلا لبطل المعاد : (وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما باطِلاً ذلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ) (٣٨ : ٢٧) (ما خَلَقْناهُما إِلَّا بِالْحَقِّ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) (٤٤ : ٣٩). فلو كانت الحياة هي الدنيا لحقّ فيها الحساب ، وإذ لا حساب هنا على الظلم الوفير فخلق العالم باطل لولا عالم الحساب.
ثم في تكوير كلّ من الليل والنهار على بعض تقريب لإمكانية الحياة